لقد ألهم إلي خاطري مرة أخرى في ظل الهدوء التام الذي كان
مخيما على أرجاء المدينة الفاضلة، بسبب انعقاد موسمي سيدي الهواري و سيدي يحيى؛
بضرورة تقصي حالتها ، حيث اهتاجني شوق و شغف شديدين لاستطلاع اهم معالم مدينتنا في
خضم هذا الهدوء المخيف؛ وهكذا اكتشفت في قصور اسرير صروحا من الطين كانت شاهدة على
عصر قلبت فيه كل الموازين و كانت السلطة حكرا على بني إسرائيل ، و في تغاش و
احندار منطقتي العيون و البقول، ومنبت أزهار السوسن و الاقاحي وكل الزهور،
كانت الدنيا هناك غاصة باشجار النخيل والرمان ناهيك عن التين و الزيتون داخل هذه
القرى الأمينة ، و أما الغدير الذي يمتد وسط قرية احندار فكان غاصا بالأسماك وحشرات الحياة، و بالضفادع وسائر
المخلوقات...
وبينما
الليل قد أغطش و حل الديجور محل النور عدت أدراجي إلى قلب "المدينة
الفاضلة" متأملا سحر تلك الأرض العشيب، وبعد
يومين بالتقريب، قمت بإطلالة سريعة في منطقة الأرض الجديب وكانت أية في الروعة والجمال؛
فافتتنت بسحر الهضبات المليئة بنبات الصحارى، و على سفوح تلكم الجبال؛ وهناك تحت
الوديان، رسمت خرفان و نعاج الراعي التاريخي للمنطقة " م م" أحلى حلة؛ فكانت شاهدة على منظر خلاب في منطقة التابوت و
زحف الرمال تغفرت المشهورة.
وفي "تغدوين"
أرض النعناع والتمر والفلاحة و الجنان كان
حقل المرحوم "حا علي" الغاص باشجار العنب واللوز والرمان أخاذة بجميع أنواع الطيور وبخرير المياه
التي تتدفق بشدة في أكناف وجنبات أشجار الزيتون العملاقة..
أيقنت بعد هده الجولات المثيرة مدى سحر واحتنا الفاضلة و
مدى غنى مواردها الطبيعية و تنوعها و التي أضفت على فضائها صبغة خاصة إلا أنها رغم
ذلك لم تستثمر كما ينبغي.
تعليقات
إرسال تعليق