القلق يراودني في احلامي ويقظتي، وقلمي الجريء أصبح رعديدا بخيسا يؤثر النكوص
على مجابهة تمزقات الواقع، يبدو أن كل شيء
تغير بسرعة؛ سقطت المعاني المثالية وتغير منحى الطاقة الكامنة، وأصبح القلق هاجسي الكبير
بعدما كان الأمل غذاء أقتات به في سرداب الضنك الذي أنا فيه سائر منذ فترة من الزمن،
لقد خانتني الذاكرة واختلطت في ذهني ذكريات البؤس والشقاء، فتحول عشقي لحياتي إلى كراهية
ونظرتي المثالية إليها تحولت إلى آسى وأسف بسبب المآل الحزين الذي آلت إليها ظروفي.
أصبحت حياتي تسير بإيقاع سمفونية حزينة، بعدما تغير كل شيء؛ العائلة والأصدقاء،
الخلان والجيران ورفقاء الدرب.. جميعهم تغيروا بشكل مفاجئ.. وأصبحوا أكثر حرصا على
ملاحظة كل إيماءة أقوم بها ومحاسبتي بها عن وعي أو عن غير وعي، بينما نظراتهم إليّ
ما انفكت تهاجمني وتنتقدني بعنف، مفصحة عن زيف كل الحب الذي طالما جهروا به في الماضي،
أما كلماتهم المترددة حتى اللحظة في ذهني فما فتئت بالفعل تقتلني كل يوم ألف قتلة..
لقد أصابوني بالإحباط في الوقت الذي كان أجدى بهم أن يحفزوني على العمل والمضي قدما
حتى النهاية.. لا أحد منهم وقف يوما لفهم أسباب التغير الذي آل إليه حالي؛ فكلهم منهمكون بتطوير أساليب النقد والتجريح
والعتاب فألقوا بكل ما عشناه من ذكرى الماضي الجميل إلى سراديب النسيان.
أصبح واقعي الموضوعي جحيما بعدما كان المصدر الاول للأمل الذي أقتات منه، وحتى
قلمي الجريء أصيب بوهن شديد بعدما فضل عدم تجريح أي كان بسهام وشفرات الكلمات الحادة
التي طالما فاحت من عطر مداده القاتل، أصبح مجرد ديكور أجوف وتحفة قديمة لا تصلح إلا
للتذكير بالزمن الخالي من حياتك أيتها الجرة
التعيسة.
لم يعد لي الآن أي متنفس للتفريغ فقد
غادرني الجميع، بعدما تركوا في نفسي جروحا لن تندمل. لم يبق لي من الحلول المتاحة لإزالة
هذا الغم إلا منحى واحدا، وهو أن انقض العهد وأحيي في قلمي طاقة الغضب وأفتح له عنان
الإبداع من حبر بحر النور المشع في داخلي والذي يرفض أن يهجرني حتى بعدما هاجرني الجميع
..
رائع... فليكن القلم فأسا لبحرك المتجمد
ردحذف