التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلسلة تأملات وخواطر - لا شيء ثابت


مر سيكو
لا شيء ثابت
أغمضت عيني لكي لا أرى البؤس والأنين الذي حام حولي منذ نعومة أظافري، أردت أن احدث زلزالا في طريقة نظري إلى الامور لعلي أتمكن من التأقلم مع "المتأفهمين" لكن رياح السموم أرخت بظلالها على مخيلتي، فحينما أومضت عيني بدأت أرى ببصيرتي عالما أكثر بؤسا، أكثر نفاقا، أكثر قتامة وفقرا. نظرتي المشؤومة تخترق كل إرادة مني لاحداث التغيير. وأي تفاؤل مزعوم سيظل مجرد مناورات للتواطؤ مع البؤس القاتم، مع الظلام الدامس والدخان الأسود المتطاير في كل الأرجاء.
لا شيء جميل في الواقع، فحتى ما نراه في البدء مشعا سرعان ما يصيبه المحيط بالصدأ فيتلف ويتعفن. وحتى الارادات القوية التي صادفتها في مساري سرعان ما رأيت ملامح التغيير بادية على ثغورها مع أبسط حظ حالفها.  أحاول جاهدا وأنا مغمض العينين متفتح البصيرة أن أرى جواهر الأشياء، آملا في استخلاص نور مشع في ركن ما؛ ولسوء حظي لم أرى إلا دخانا أسود يتطاير في كل الأرجاء مفسدا صفاء الطبيعة، مخفيا تناسق ألوانها الساحرة. حاولت البحث عن الثابت، لكن لا شيء ثابت غير ذلك الدخان الأسود المتطاير في كل أرجاء المحيط، أفهام حقودة ونظرات عبوسة وصداقة مطاطية تتمدد بالمصلحة وتموت بموتها. أين الثابت في العلاقات إذا ؟ أعود لأقول لا شيء ثابت!!.. إلا ذلك الظلام الدامس وذلك الدخان المتطاير. أصبحت المادة معيارا للقياس. ومات الاعتبار لكل حب وإحساس. تحولت الصداقة إلى بضاعة تباع وتبتاع بالمال.  أصابها الصدأ المنبعث من الظلام الدامس والدخان المتطاير في كل ركن من أركان المحيط. الصدأ وحده يبقى بعد طول العلاقة، الصدأ يصيب الأفئدة والقلوب ويتسب فيها محدثا دخانا أسود كئيب، سرعان ما يفيض ويتطاير مفسدا الصفاء. محدثا غيوما تمطر النفاق والجفاء...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل ...

سلسلة الأعمال الأكاديمية - قراءة في أعمال عبد الرحمان المالكي - مكناس

saidi.samir89@gmail.com مقدمة نظمت جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية يومه 16 ماي 2016 ندوة فكرية حاضر فيها أساتذة وأكاديميون احتفاء بأحد أعلام السوسيولوجيا المغربية في الوقت الحالي، ويتعلق الأمر بالأستاذ عبد الرحمان المالكي صاحب كتاب "الثقافة والمجال دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب. ويعتبر الكتاب على حد تعبير جل المحاضرين نموذجا يحتدى به منهجيا للباحثين في مجال السوسيولوجيا عامة وسوسيولوجيا الهجرة بصفة خاصة، بالنظر لغنى الترسانة المنهجية المعتمدة فيه، وللحذر الإبيستمولوجي الكبير الذي أبداه ويبديه الرجل في كل أبحاثه بما في ذلك كتابه الأخير، الشيء الذي جعله متوجسا من نشر دراساته.  لقد كان عبد الرحمان المالكي في ذلك حريصا كل  الحرص على مراجعة بحثه بعناية وبشكل دؤوب، كما كان علاوة على ذلك شديد الحرص على التأني في الكتابة، لأن السوسيولوجيا عنده ما هي إلا تأن وحذر . إن الكتابة السوسيولوجية هي المراجعة المتفحصة للفكرة تلو الفكرة وللمنهج المعتمد في التقصي،  لذلك لازم الحرص والحذر إصدار كتاب "الثقافة والمجال" رغم حاجة المجتمع المغربي ...