بعض الزملاء ممن ربطتني
بهم علاقات في الماضي يتهامسون فيما بينهم ويتساءلون عن الخلفيات الكامنة وراء هذا
التغيير الذي ابديته مؤخرا اتجاههم بعد أن شيدنا واقعا باسما في كثير من جنباته تخللته
لحظات طيش، اليوم سأخط بعض الكلمات للتوضيح، ومرد خطوة التوضيح هاته في الواقع هي رسالة
موجهة في الصميم إليهم، لعلهم يعالجون ذواتهم قبل إقدامهم على معالجة الآخرين، ولمحاسبة
ذواتهم قبل إقدامهم على محاسبة أخطاء الآخرين، لنقد ذواتهم والكف عن نقد الآخرين.
في حياتي بأسرها؛ هناك
أصدقاء لا يقدرون بثمن، اخضعتهما مرارا وتكرارا لكل الاختبارات الضرورية لقياس جودة
الصداقة وقد كسبوا الرهان، استمرت صداقتنا سنين وسنين ولا تزال حتى اللحظة صامدة؛ لم
يعُقها لا طول مسافة، ولا أي شيء آخر. هؤلاء الأصدقاء في الواقع قد أفسدوا عليّ فرصة
إضافة المزيد من الأصدقاء إلى واقعي الجديد، لأنني كلما هممت بوضع مقارنة بينهم وبين
كل من التقيته إلا ولامست فارقا شاسعا. تماما كالفرق بين من يحبك بكل جوارحه ومن يتصنع
الحب أمامك وهو في مناطق الظل لك كاره حاقد.
لا أريد أن يفهم من هذا
الكلام أن حياتي تخلوا من الصداقة، إنما العكس هو الصحيح، فأنا املك كغيري "كومة"
من الأصدقاء. لكن إذا تحدثنا عن هذا المفهوم في بعده الراقي-النزيه فهناك من ينفرد
به دون غيره. أما الآخرون؛ فهناك من تعرفت عليهم مؤخرا وقد يكون الأوان لم يحن
بعد لتحديد موقفنا النهائي اتجاههم، أما البعض الآخر فلم تتح امامنا معهم الوضعيات
والفرص الحقيقية لقياس معدنهم النفيس كم يساوي.
عندما أتأمل واقعي العلائقي
أدرك بجلاء أن هناك مسافات بيني وبين كل فرد عرفته في الماضي والحاضر، فالأقرب إلي
لا يفصلني عنه إلا شبر واحد، اعتبره ضروريا لاستمرار العلاقة، أما الباقون فيتراوحون
بين القريب والبعيد والأبعد والمختفي نهائيا من دائرة الاهتمام. وإن كنت قد أبديت مؤخرا
ملامح التغيير اتجاه أشخاص عرفتهم فلذلك خلفياته الموضوعية المفسرة، إذ لا يمكنني الاستمرار
أبدا في علاقة مفعمة بالنفاق، أو في علاقة مع إنسان همه تثبيط عزيمتك وزرع بذور الوهن
والضعف في شخصك، أو مع إنسان لا يستطيع أن يحبك إلا لأهداف أنانية ليس إلا. كل من تغيرت
في وجهه إنما ينتمي لأحد هذه الصنوف، ولا شيء آخر لزياد الايضاح.
تعليقات
إرسال تعليق