على لسان الجرة هذه المرة أحكي؛ بعدما كانت في ما مضى تحكي عني...
saidi.samir89@gmail.com
القلق يراودني في احلامي ويقظتي، وقلمي الجريء أصبح
رعديدا بخيسا يؤثر النكوص على مجابهة تمزقات الواقع، يبدو أن كل شيء تغير بسرعة؛
سقطت المعاني المثالية، تغير منحى الطاقة الكامنة، أصبح القلق هاجسي الكبير بعدما كان
الأمل غذاء أقتات به في سرداب الضنك الذي أنا فيه ماش منذ فترة من الزمن. خانتني الذاكرة
واختلطت في ذهني ذكريات البؤس والشقاء وتحول عشقي لحياتي إلى كراهية، ونظرتي المثالية
لها إلى آسى وأسف بسبب المآل الحزين الذي آلت إليه ظروفي.
أصبحت حياتي تسير بإيقاع سمفونية حزينة، بعدما تغير
كل شيء؛ العائلة، الأصدقاء، الخلان، الجيران، ورفقاء الدرب.. كلهم تغيروا تغيرا مفاجئا،
أصبحوا أكثر حرصا على ملاحظة ومحاسبة كل إيماءة أقوم بها عن وعي أو عن غير وعي، أما
نظراتهم إليّ فما انفكت تهاجمني بعنف، مفصحة عن زيف كل الحب الذي لطالما جهروا به في
الماضي ، بينما كلماتهم التي لا يزال صداها يتردد في ذهني حتى اللحظة؛ ما فتئت بالفعل
تقتلني كل يوم ألف قتلة، لقد أصابوني بالاحباط في وقت كان أجدى بهم أن يحفزوني للعمل والمضي قدما حتى النهاية.. لا أحد منهم توقف يوما متأملا لفهم أسباب التغير الذي
آل إليه حالي؛ فكلهم منهمكون بتطوير أساليب النقد والتجريح والعتاب فألقوا بكل
ما عشناه من ذكريات الماضي الجميل إلى سراديب النسيان.
أصبح واقعي الموضوعي جحيما بعدما كان المصدر الاول للأمل
الذي أقتات منه، وحتى قلمي الجريء أصيب بوهن شديد بعدما فضل عدم تجريح أي كان بسهام
وشفرات الكلمات الحادة التي طالما فاحت من عطر مداده القاتل، أصبح مجرد ديكور أجوف
وتحفة قديمة لا تصلح إلا للتذكير بالزمن الخالي من حياتك أيتها الجرة التعيسة.
لم يعد الآن أي متنفس للتفريغ فقد غادرني الجميع، بعدما تركوا في نفسي جروحا لن تندمل.
لم يبقى لي من الحلول المتاحة لإزالة هذا الغم إلا منحى واحدا، وهو أن انقض العهد وأحيي
في قلمي طاقة الغضب وأفتح له عنان الإبداع من حبر بحر النور المشع في داخلي والذي يرفض
أن يهجرني حتى بعدما هاجرني الجميع ..
تعليقات
إرسال تعليق