التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلسلة خواطر وتأملات - لحظات الملل


saidi.samir89@gmail.com
         دبّ الحزن إلى فؤاده ولم يعرف أسبابه، لكنه مقتنع بضرورة السفر لتغيير الأجواء الباهتة التي تسم فضاء الواحة هذه الأيام، فالحياة رتيبة وكل ما يجري فيها من أحداث يعكر في الواقع صفو الحياة،  وينيط القناع عن الألم المضمر في صميم مجتمع العذاب، فقر مدقع يهز أرجاء المكان، تمثيليات كبرى في مسرح المشهد البلدي المتخبط في الصراعات الداخلية العقيمة، مراوغات ومناوشات من أجل "اللاشيء"، وأفراح بإيقاع طبول حروب الماضي الهمجي يسمع صداها بين فينة وأخرى هنا وهناك، كل شيء في الواحة بالنسبة له يدعوا إلى الاكتئاب والاشمئزاز والتحسر، ولا شيء "جميل" سوى ابتسامة الوالد والوالدة، وقهقهة ذلك الصبي الوسيم الذي ولد صبيحة عيد فطر السنة الماضية.
لقد كان اليوم في موعد غير رسمي  مع شبح الحزن الكئيب، أطل عليه من نوافذ طائشة، لم يسلم من لسعاتها التي أعادته إلى زمن الآهات والزفرات، كان يائسا إلى أقصى درجة، لهذا فكر مباشرة بالرحيل وتغيير الاجواء لعله بذلك يعيد لنفسه ما أفقدته أيام العودة إلى الديار.   
لقد فكر بالرحيل عن ثقافة البؤس صوب مكان مناسب ليزيح فيه عن قلبه المشطون ثقل الجرار، فكان لزاما عليه أن يقطع بعض المحطات الضرورية من أجل التزود ببركة الوالد والوالدة والجد والجدّتين.
لقد كان بذلك وداع الواحة أكيدا، واختبار مقدرته الذهنية على تحمل محطة جديدة تحديا جديدا، وما انفكت عاصمة مملكة السلطان حلا مختارا وما أحلاه من اختيار، خصوصا بعد أن تعرف على عينة من طلبة الجنوب الشرقي الذين ألهموه الكثير من الأفكار، فخرج من عنق زجاجة الضنك غانما بفكرة ضرورة  مواكبة ركوب التحديات الجديدة في سرداب الحياة الطويل بلا كلل أو ملل.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل ...

سلسلة الأعمال الأكاديمية - قراءة في أعمال عبد الرحمان المالكي - مكناس

saidi.samir89@gmail.com مقدمة نظمت جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية يومه 16 ماي 2016 ندوة فكرية حاضر فيها أساتذة وأكاديميون احتفاء بأحد أعلام السوسيولوجيا المغربية في الوقت الحالي، ويتعلق الأمر بالأستاذ عبد الرحمان المالكي صاحب كتاب "الثقافة والمجال دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب. ويعتبر الكتاب على حد تعبير جل المحاضرين نموذجا يحتدى به منهجيا للباحثين في مجال السوسيولوجيا عامة وسوسيولوجيا الهجرة بصفة خاصة، بالنظر لغنى الترسانة المنهجية المعتمدة فيه، وللحذر الإبيستمولوجي الكبير الذي أبداه ويبديه الرجل في كل أبحاثه بما في ذلك كتابه الأخير، الشيء الذي جعله متوجسا من نشر دراساته.  لقد كان عبد الرحمان المالكي في ذلك حريصا كل  الحرص على مراجعة بحثه بعناية وبشكل دؤوب، كما كان علاوة على ذلك شديد الحرص على التأني في الكتابة، لأن السوسيولوجيا عنده ما هي إلا تأن وحذر . إن الكتابة السوسيولوجية هي المراجعة المتفحصة للفكرة تلو الفكرة وللمنهج المعتمد في التقصي،  لذلك لازم الحرص والحذر إصدار كتاب "الثقافة والمجال" رغم حاجة المجتمع المغربي ...