التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلسلة خواطر وتأملات - سقوط الأقنعة


saidi.samir89@gmail.com 
سمير الساعدي 
يبدو المشهد الكئيب من حولي وكأنه مصاب بداء فقدان الثقة، فكل شيء حاليا ينذر بانقلاب العلاقات وسيادة منطق التنافس الشرس بينهم، لقد مات الاحترام بعد أن كشفت تقلبات الأيام النقاب عن حقيقة الكنه، ولم يعد التواصل ناجعا كما كان عليه الأمر في الماضي، نظرات عبوسة متبادلة هنا وهناك، وأنانية تلوح في الأفق كلما دنا موقف أو حان موعد الصدام مع الواقع، وعلاقات بينية متشنجة في الخفاء راسمة صورة  اللاحب المهيمن في فضاء التنافس اللعين.. فأين الخلل ؟
         كنت في أيامي الأولى بمدينة "الجنون" أدعوا إلى الحذر في رسم الحدود في العلاقات لدرجة مبالغ فيها، واليوم اكتشفت أني كنت على صواب، فتبادل كلمات التحايا والاحترام دون الدخول في تفاصيل التفاعل مع الآخرين أمر جيد لسير المسار كما هو مخطط له، لقد كان السيناريو يسير بإيقاع سريع، فكان لابد لأجواء "الحب الوهمي" السائدة في بداية الأمر، أن تصاب ببعض التلوث.. وهكذا تحولت الحيوية الجماعية إلى قوقعات فردية منعزلة، أو إلى ثنائيات حزينة. وبدا مهرج الأمس أسير الحزن والانطواء اليوم، بسبب ضعف الاقبال على المرح، كما أن ضغط المسؤوليات أرخت بظلالها على المشهد الحزين، جاعلة من العمل الجاد عقيدة جديدة لفاعل يتغيا الوصول، فأعلن كل ذلك عن موت التواصل الأنيق وسيادة منطق الأنانية والأخذ والجذب..

         اليوم، بعد أن أبانت الظروف وكشفت النقاب عن الأسنان البيضاء الشرسة المتوارية خلف الابتسامة، من البديهي أن تضيف إلى فلسفتك الأولى حذرا بالغا، فلا تجعل نفسك ضحية مخادع ماكر، أو باسم ضاحك مستهتر، فحقلك مفعم بالنفاق حتى الثمالة، لا أمل فيه للتوهج العلائقي البطولي، وكل ما فيه مسرحية كبرى تسير وفق سيناريو ممزق، لهذا اعمل بطريقة أكثر ذكاء وركز على بناءات قيمة وجليلة لكل موقف حياتي متشنج، وركز على رساميل صناعة الفارق واجعل قطارك يسير على السكة الصحيحة بهدوء بالغ، وارسم لنفسك غرضا محددا واضحا، وما أحلاه أن يكون قريبا منك دوما، وليكن تحقيق التفوق وتحصيل العلم عن طريق مراكمة المعلومات الصحيحة، وزيادة المقدرة على التحليل المنهجي الأنيق المنظم، والكتابة العلمية الهادفة، والاستفادة من الخبرات الأخرى المتمكنة..هدفا أساسيا تستنشق هواءه كل صباح ومساء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل ...

سلسلة الأعمال الأكاديمية - قراءة في أعمال عبد الرحمان المالكي - مكناس

saidi.samir89@gmail.com مقدمة نظمت جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية يومه 16 ماي 2016 ندوة فكرية حاضر فيها أساتذة وأكاديميون احتفاء بأحد أعلام السوسيولوجيا المغربية في الوقت الحالي، ويتعلق الأمر بالأستاذ عبد الرحمان المالكي صاحب كتاب "الثقافة والمجال دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب. ويعتبر الكتاب على حد تعبير جل المحاضرين نموذجا يحتدى به منهجيا للباحثين في مجال السوسيولوجيا عامة وسوسيولوجيا الهجرة بصفة خاصة، بالنظر لغنى الترسانة المنهجية المعتمدة فيه، وللحذر الإبيستمولوجي الكبير الذي أبداه ويبديه الرجل في كل أبحاثه بما في ذلك كتابه الأخير، الشيء الذي جعله متوجسا من نشر دراساته.  لقد كان عبد الرحمان المالكي في ذلك حريصا كل  الحرص على مراجعة بحثه بعناية وبشكل دؤوب، كما كان علاوة على ذلك شديد الحرص على التأني في الكتابة، لأن السوسيولوجيا عنده ما هي إلا تأن وحذر . إن الكتابة السوسيولوجية هي المراجعة المتفحصة للفكرة تلو الفكرة وللمنهج المعتمد في التقصي،  لذلك لازم الحرص والحذر إصدار كتاب "الثقافة والمجال" رغم حاجة المجتمع المغربي ...