التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السيناريو المغربي الأكثر تكرارا ومعاودة ..


وضعت المكياج على وجهها كما العادة.. ولبست من ملابسها الأجمل فظهرت بأحلى حلّــة.. فقبلت رأس والدها المغفّــل وقالت له أنا ذاهبة للمدرسة ..ولم ينتبه أن يومها يوم عطلة..
خرجت "جميلة" من عقر الدّار "متبرجة"..ولم تقــم لشباب الحيّ أي وزن، فولت وجهها صوب شجرة الصنوبر الجميلة ..حيث "علال" كان في الانتظار على متن  سيارته الفيراري  الجديدة.. و على خذها أعطاها قبلة ساخنة.. وانطلقا مباشرة بعدئذ  بسرعة خاطفة- جارفة صوب مركز المدينة؛ وبالضبط  قرب منتزه العشّــاق المغاربة.. تبادلا الطرفين الحديث عن أخبار الفنانين والفنانات والمسلسلات الأجنبية المدبلجة.. وتوقفا طويلا عند اللقطات الرومانسية الساخنة.. وشيئا فشيئا؛ اضطربت دقّـات قلب "علال" واقشعرت شعيرة  الإحساس من جسم  "جميلة".. فاقترب منها ببطء شديد وخطف من فاهها قبلة.. تبعتها أخرى على الشكل الفرنسي وكانت هذه المرة طويلة.. فركبا على سجادة "السندباد"، فطارا بعيدا إلى عالم الرومانسية الساخنة.. نفذ صبر  كل من "علال" و"جميلة".. فانطلقا بالسيارة كما العادة بسرعة جنونية - جارفة ..قاصدين غابة الصنوبر المنعزلة-النائية.. أمضيا فيها لحظات "حــب" مثيرة.. وهذه المرة  على الطريقة المغاربية..
مرت الأيام والأسابيع بسرعة جنونية.. فظهر انتفاخ  طفيف على بطن "جميلة"..فأطلعت "علالا" بنتيجة الواقعة.. لم يصدق المسكين انه سيصبح بهذه السرعة أبا لطفل أو طفلة.. فأخذها مباشرة إلى الطبيب - البروفيسور في عيادته الخصوصية.. أجرى لها  كلّ التحاليل الضرورية.. فاثبت لها صحة فرضية "جميلة" ..
أصيب "علال" بصاعقة جنونية، حولت صورته من نموذج ذلك الرومانسي العاشق.. الى صورة ذلك المعتوه الباسق.. صاح في وجه الجميلة البئيسة؛  أيتها العاهرة الفاسق.. أن ابتعدي عن سرداب حياتي فأنت حجرة عائق.. وليكن في علمك أن لكل بداية نهاية، و هذه نهاية كل العلائق ..  .
اصطدمت "جميلة" بحقيقة مجتمع "التنوير".. واستيقظت على هول صاعقة التغيير..  لم يتقبلها حتى "الأبله" والدها، ولا "الزهراء" شقيقتها، ولا "الضاوية" خالتها.. فأضحى الشارع لوحده ملاذها.. وهناك؛ قرب مزبلة المدينة العظمى أنجبت صبيها.. اختارت له من الأسماء العديدة اسم  "عبيقة".. وكم تمنّت آن تتزوج وتنجب وتسمي باسم مهند أو يحيى..  .
احترفت جميلة الدعارة كمهنة.. لتطعم من "حرام" ابنها "عبيقة".. فأدمنت الدخان والقارورة ..وانقلبت حياتها جحيما وعذابا وحيرة.. ولم تعد كما كانت؛  إنسانة عفيفة وحــرّة.. بل تلاطمتها أمواج المجتمع تباعا، فتخلى عنها جميع الأحبة.. ولم تعلم أن أجواء الزمن الجميل ستتحول إلى ليلة سوداء مكفهــرّة ..
 و يستمر السيناريو المغربي.. وتستمر حياة جميلة المعذبة.
يقول أبوقراط :  "قدر الانسان شخصيته"
أختاه !؟ سواء كنت  "حداثية" أو "محافظة"؛ كوني ابنة بيئتك ولا تغتري بالثقافة الأجنبية "الفاسقة" .. فكم من فتاة وشابة ذهبت ضحية ثقافة المسلسلات المدبلجة.. وتحاول أن تعيش على إيقاع وهم الحياة الرومانسية.. لتجد حياتها في آخر المطاف عبارة عن تراجيديا اجتماعية جــدّ حزينة.. إنه السيناريو المغربي الأكثر حدوثا ومعاودة.. وهذا جانب في تفسير ظاهرة "الأمهات العازبات" و "العمل الجنسي" وأزمة القيم" في ثقافتنا المغربية... فلا تحوّلي أختاه حياتك إلى جحيم وعذاب باسم نشيد/ بل وهم الحريـــة ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل