جئنا من ثقافات مرجعية مختلفة، و هي الأساس
التي بنى منها كل فرد منا نسيجه الذهني فتشكلت بذلك أناه ونمت وتبلورت شخصيته
وتكونت لديه نزعاته واتجاهاته بسبب القيم والمعايير التي تطبع بها والتي حكمت
تفكيره وحددت وجهته. وبالتالي قدره فقدر مجتمعه.
إن
الإنسان نتاج لمنتج ثقافي معين، وقد يكون هذا المنتج الثقافي مندثرا فيكون أفرادها
ذوو جودة ضعيفة، وقد يكون المنتج الثقافي رفيعا فيكون أفرادها ذوو ثقافة عالية،
فالعلاقة بين المجال والإنسان جدلية، وتأثير المجال كبير في تحديد الطباع وصناعة
الذوات، فإما أن تكون فاعلة بفعالية المنتج الثقافي، وإما أن تكون منفعلة بانفعاليته،
وإما مندثرة باندثاره، فالثقافة بمثابة جهاز لتشكيل الأفراد، وكلما كان جهاز
الثقافة رفيعا كان أفرادها ذوو تكوين رفيع.
وحيث
أننا نعيش في مجتمع متعدد الثقافات، ومنطق النهوض بعمراننا الحضاري يحتم علينا
الاتحاد ودرء كل ما يمكنه أن يخل بتشييد الأسس واللبنات الأولى، فإن صناعة ثقافة
فنية تشكيلية تدمج الهويات المختلفة في لوحة متكاملة ضرورة لابد منها، كمنطلق
أساسي لرسم تخطيط صحيح للمسار، والذي لن
يستقيم أبدا في ظل التزمت والتعصب للمرجعية الثقافية والعنصرية ضد المختلف؛ لغويا
أو مجاليا أو هوياتيا أو دينيا.
تعليقات
إرسال تعليق