التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكاية خالد..



       هو الرجل الشهم المحبط في وطنه ، الرافض لقيم و مبادئ الدناءة و الغش و الاختلاس ؛ و الهارب من فوضى و قلاقل الواقع المعاش... 
      وعبر قارب الموت كانت البداية ، لقد فضل خالد الرحيل عن عالم الدناءة و الوضاعة التي تسم الحياة العامة في بلد طالما نعت بالإسلامي المحافظ . بعد أن أصيب بخيبة أمل كبيرة في دراسته الجامعية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بمكناس ،ففكر بالرحيل أولا من أجل العودة ذات يوم لينتقم من أولئك الذين حولوا حياته جحيما لا يطاق ،ففي عالم بارغماتي يلهث وراء الربح و المنفعة و الغش و الرشوة ؛ فضل خالد ركوب الخطر و تغيير الأجواء الباهتة و الأوجال التي تنتابه في بلده باستمرار ، وعلى قارب الموت أصابه ضنك شديد: لأنه ترك وراءه عائلة تحبه حبا جما، لكنه ما من معين... خاصة و أنه موجز عاطل عن العمل... مشمئز مما آلت إليه حياته من ظلم وحيف و إسفاف.. ، خاصة لما تم إسقاطه عنوة من لائحة الناجحين في امتحان : Cpr ... وقبلها في امتحانات المعلمين... ليس لأنه غير متمكن و مؤهل...ولكن لأنه شخص لا يؤمن بشيء اسمه الرشوة و الغش.. كما أصيب بضيم شديد جراء ما ألحقته به حبيبته الخائنة "س.و" أيام الدراسة الجامعية في كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمكناس . حينما سقط في شراك حب تلك العفريتة الجميلة ، التي كانت جذابة في مظهرها، مادية و أنانية في جوهرها،و لهذا استسلمت بسهولة للمادة بعد أن تم إغراؤها من أحد أبناء الطبقة الغنية بمكناس؛ فباعت صداقة خالد بثمن بخس.. ومرغت شخصيته في التراب... ما جعله يصاب فعلا بالاحباط و فقدان الثقة في هذا العالم المادي بامتياز ..: عالم المظاهر المزيفة، والإغراءات المادية ، عالم السيارات و الفيلات عالم الشغل و البيزنيس عالم الرشوة و الوصولية و الانتهازية عالم البارغماتية و تضخم الأنا عالم اللاأخلاق و انعدام الثقة، عالم الديناميكا و عدم الاستقرار في الطباع، عالم تبدل المبادئ و الأنماط بظهور شروط موضوعية جديدة للحياة ...
لهذه الأسباب ومثلها كثير انتهج خالد مسلك الرافض الراغب ؛ الرافض لقيم الدناءة و الوضاعة التي تسم الحياة العامة لبلده : سياسية كانت أم اقتصادية اجتماعية كانت أم ثقافية أخلاقية كانت أم عقائدية....و الراغب في الانتقام من كل رعديد بخيس حول حياته إلى جحيم وعذاب .. 

      سافر خالد الى خارج أرض الوطن. مذ دلك الحين / تاركا اهله الدين طالما أحبهم و أحبوه، تاركا عالمه المااادي كما هو: لازال محافظا على مظاهره و ماديته ...و تاركا حبيبته الأولى أسيرة لمستشفى أمراض الجلد بعد أن فقدت بريقها و جمالها نتيجة خطأ طبي في تشخيص دواء لنعومة الوجه وجماله.... فلم تعد "س.و"جميلة. كما كانت من قبل.. لم تعد جذابة كالعادة...بل أصبحت قبيحة المنظر و الجوهر ...وتركها دلك الشاب الغني ...لأن حبه لها زال بالمناسبة بعد زوال جمالها ...ذلك لأنه لم يكن يحبها كما أحبها خالد من قبل ... بل أحب فيها فقط صفات معينة : الوجه و الجسد..
     تلكم اذا هي حياة العالم المادي عالم الفوضى و اختلال المعايير الأخلاقية عالم فتيات الأصباغ و المظاهر المزيفة .عالم المسرح و التمظهر و تقمص أدوار اجتماعية عالم اللاحب ، عالم الجسد و الجنس ، و في انتظار عودة الصديق خالد سيكمل لكم باقي سيناريوهات هده الحكاية لكنه أقسم الا يعود مجددا الا بعد أن يتغير هدا المجتمع الكئيب .... خاصة أنه يعيش حاليا حياة هادئة ..فقد وجد عملا مناسبا لمؤهلاته العظيمة في بلاد المهجر .. و الكل هناك يعترف بقوة شخصه الفكرية و العملية و الكل هناك يستفيد من خبراته وطموحاته. خالد اليوم أضحى غنيا و مرتاح البال / لم ينسى عائلته لأنه يزودهم بالمادة ... ولم ينسى ربه لأنه سبب إلهامه و قوة إيمانه ،ولم ينسى الدعاء لأمته للعودة للأصول من أجل أن يعود إلى و طنه أرض أجداده، تلكم أذا حكاية خالد ، فما رأيكم بها ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل ...

سلسلة الأعمال الأكاديمية - قراءة في أعمال عبد الرحمان المالكي - مكناس

saidi.samir89@gmail.com مقدمة نظمت جامعة المولى إسماعيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية يومه 16 ماي 2016 ندوة فكرية حاضر فيها أساتذة وأكاديميون احتفاء بأحد أعلام السوسيولوجيا المغربية في الوقت الحالي، ويتعلق الأمر بالأستاذ عبد الرحمان المالكي صاحب كتاب "الثقافة والمجال دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب. ويعتبر الكتاب على حد تعبير جل المحاضرين نموذجا يحتدى به منهجيا للباحثين في مجال السوسيولوجيا عامة وسوسيولوجيا الهجرة بصفة خاصة، بالنظر لغنى الترسانة المنهجية المعتمدة فيه، وللحذر الإبيستمولوجي الكبير الذي أبداه ويبديه الرجل في كل أبحاثه بما في ذلك كتابه الأخير، الشيء الذي جعله متوجسا من نشر دراساته.  لقد كان عبد الرحمان المالكي في ذلك حريصا كل  الحرص على مراجعة بحثه بعناية وبشكل دؤوب، كما كان علاوة على ذلك شديد الحرص على التأني في الكتابة، لأن السوسيولوجيا عنده ما هي إلا تأن وحذر . إن الكتابة السوسيولوجية هي المراجعة المتفحصة للفكرة تلو الفكرة وللمنهج المعتمد في التقصي،  لذلك لازم الحرص والحذر إصدار كتاب "الثقافة والمجال" رغم حاجة المجتمع المغربي ...