التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسالـــــــــة إلى الشباب...


رسالـــــــــة إلى الشباب...



إلى كل من يهمه الشأن المحلي من شباب هذه الأمة السحيق ...
عندما تصلون إلى مرحلة النضج العقلي / أي مرحلة نقد الذات و الموضوع الذي هو الثقافة الآنية، الدولة ، ومجمل السلوكيات الاجتماعية ، و مختلف المؤسسات الحكومية و المدنية و غيرها من الأمور ؛ فعلى كل واحد منكم أن يبدأ بعد تشاؤم عقله و شعوره بقوة إرادته و بالرغبة المشتعلة  للتغيير تشغل حيزا كبيرا في داخله أن يشرع مباشرة بصياغة خطة إستراتيجية أو خارطة طريق للعمل  والاشتغال المنظم بعيدا عن فوضى الجهل و التوتر الفكري الجامد ، قريبا من الفعل الرزين الذي يأخذ في الحسبان مصلحة العموم في أول المقام و آخره .
وما النقد أيها الشباب الطموح الذي لا تفله العقبات و الفخاخ المنصوبة و لا التعنيفات الرمزية والمادية ولا المظهريات الزائفة الفانية ؛ إلا تقييم موضوعي نزيه صريح للذات أولا ؛، كم علما حصلت  وكم منه وظفت لمصلحة الناس و العباد ، وعلى كل واحد منكم أيها الشباب أن يولي لتنظيم الوقت أهمية فائقة ويكرس للقراءة وحسن التحصيل أهمية زائدة ، لما في ذلك من بحث أعمق عن سبل إخراج هذا المجتمع من مأزقه وتيهانه وتأخره عن ركب التقدم ومقارعة الإيديولوجيات الكبرى في العالم . هذا دون إغفال للجانب الروحاني ، فلدينا ثقافة مترسخة وعتيدة لابد و الحفاظ عليها من كل الشرور التي تهددها من الداخل و الخارج على حد سواء ، فالجانب الروحاني يقوي فينا الإحساس بالأمان و الإيمان بأهدافنا النبيلة النزيهة التي لا ريب في كونها تسعى لخدمة الصالح العام  لهذا المجتمع ، كما انه علاوة على ذلك يلعب (الجانب الروحاني) أهمية رائدة في تعديل بعض سلوكياتنا التي قد تنزلق أحيانا عن السرداب المثالي ؛ فنحن بشر تحركنا العاطفة إلى جانب العقل وقوة الإرادة لهذا لا بد لنا من منهاج متين ومدروس من مختلف جوانبه لإتباعه و السير في خارطته ؛ بمعنى آخر لابد لنا من عقيدة نتبناها باجتهاد جماعي دؤوب و السير قدما في حضرتها إلى أن نحقق الغايات التي ولدنا من أجلها .
إن هذه الغاية الكبرى التي يجب أن تنشدوها جميعا يا شباب الانعتاق لا يجب أن تأخذ بالسطحيات عنونا للعمقيات ولا التأثرات الفردية عنوانا للتعميمات العمومية ، ولا الإيمان ببعد واحد دون إعادة موضعة الأبعاد الأخرى ؛ وإنما القاعدة الأساس لمشروعنا المجتمعي الجذري هو الانطلاق من أساسنا الثقافي الخالص النزيه من شوائب لا تواكب عصر العقلانية ، و التعامل معه بانتقائية تامة تأخذ في الحسبان السياق الجديد و مجمل الظروف التي نتنفسها ، ومن جهة أخرى تنفتح على الثقافات الأخرى انفتاح الحذر المنتقي بعناية فائقة كل ما بإمكانه أن ينير لنا السبيل و يكشف لطريقنا التهويل ..ما يمكن من إزاحته وإناطته بعنف جميل .
إن القاعدة المثالية أيها الشباب  للانعتاق إذن هو النقد الموضوعي لسياقنا العام الذي نشأنا في كنفه ، أي بنقد  جذري حقيقي لثقافتنا أولا  وما تحويه من أفكار و معتقدات و سلوكيات و طقوس  وعوائد وعلاقات اجتماعية ، ولا بد و أن نربط ثقافة هذا الحاضر بثقافة الماضي ، فنختار منظومة من الأفكار و السلوكيات و عقيدة الحياة القائمة و المتأسسة على عماد أخلاقي لا ينكسر أمام عواصف الظروف المعولمة و المهيجات الآنية . ولا بد من جهة أخرى أن يوازي هذا المشروع  المحلي مشروع آخر لا يقل عنه أهمية ؛ وهو مشروع الانفتاح الحذر و انتقاء الصالح العام من الثقافات و الحضارات الإنسانية الأخرى ، و التعامل معها  بحذر حقيقي.
وخلاصة لهذه الفكرة يمكن القول بأن هذه المنهاج الجديد الذي نتبناه الآن ولازلنا في طور رسم معالمه ؛ يتأسس على الازدواج ، الانفتاح ، الاستبصار ، عمق النظر، نقد (تقييم) للثقافة المحلية وانتقاء من ثقافات أخرى ، بناء وهدم من أجل توليد الحضارة بشقيها المعنوي ، و المادي . هو مشروع يتأسس إذن على الازدواج من أجل تقبل الاختلاف و تكييف الرؤى وتوجيهها في طريق واحد ؛ لأن الاتحاد قوة ، ووحدتنا أساس نهضتنا وانعتاقنا و بالتالي تجاوز انكساراتنا المتكررة و هزائمنا المدلة و نكساتنا ونكباتنا المتوالية ...

  

تعليقات

  1. حياكم الله يااهل الفكر السديد والهادف. مجتمعنا يتخبط في متاهات.كل فرد يلغي بلغاه وكل حركة مصبها واحد وكل مجهود لايرضي الغالق فهو زائل مهما طال عليه الزمان

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل