لكنه لم يرد علي التحية...
كان جالسا على أريكة فخمة أمام محل والده أو عمه أو خاله وربما سيده ا؟...التجاري في المركز الحضري بتنجداد المغربية؛ مع ثلاثة أو يزيد من أصدقائه أو خلانه (...) فمررت بجانبهم ، و أنا حامل على كتفي كالعادة كيسين كبيرين : الأول يحوي حزما من نبات" النعناع " الذي يستعمله المغاربة لتزيين مشروب ( الشاي )، و الثاني يحتوي على حزم صغيرة من نبات " المعدنوز " و" القزبور". وقد كنت قاصدا السوق المغطاة لبيعها للخضارين هناك ...
أدركت حينا أن ملابسي المتسخة.. وحدائي الملطخ بالطين.. و شعري الذي علاه الغبار.. وبشرتي التي نالت منها أشعة شهر يونيو ويوليوز وغشت وشتنبر (...) نتيجة للعمل و الكد و الكدح في حقول الفصة و النعناع...كان مصدرا لتخلف صديقنا عن رد التحية، ومبادلتي الحديث كما فعلنا في السابق؛ حينما كنا تلاميذ في إعدادية " افركلة "؛ حين لبست أحلى ملابسي وطليت شعري بصباغة ذهبية.. وسرحته على الطريقة الغربية...
أدركت حينا أن صديقنا المغفل متأثر أيضا بثقافة المظاهر و التقليد الأعمى كما هو حال الآخرين ...
أدركت انه لا يحبب التودد و التقرب إلى أبناء الفلاحين لأن المسكين يعاني من "عقدة النقص" ...
أدركت انه إنسان مقهور راضخ لثقافة الغير؛ غير معتز بشخصه و انتمائه وحريته واستقلاليته..
أدركت كذلك انه لا يستطيع أن يجابه المجتمع فيعمل في تجارة الفصة و النعناع شأني أنا.. وذلك لأنه بالمناسبة إنسان مقهور ينتمي الى مجتمع متسلط ومقهور أيضا...
أدركت بالفعل بان حياة المظهر لا تساوي أي شيء مقارنة بحياة الجوهر .ومنذ ذاك الحين بدأت أركز اهتمامي بصورة أكبر على الجوهر عوض المظهر .
لأنني أعلم علم اليقين بأن المظاهر خداعة .
مقتطع من يوميات حامل الجرة
أدركت بالفعل بان حياة المظهر لا تساوي أي شيء مقارنة بحياة الجوهر
ردحذفإدراكات جميلة جدا وفي محلها سلم فكرك وقلمك
شكرا جزيلا لك سيدة" كريمة" على متابعتك وقراءتك
ردحذفالمتعمقة لمواضيعي ..
تحياتي.
شكرا لك يا حامل المسك
ردحذف