داهمته في فترة ضنك شديدة ، فحكى لي حكي الصديق القديم عن كل ما يختلجه من مشاعر البغض تجاه ظروفه الاجتماعية و النفسية الحالكة ..
لاحت على وجهه الزاهي علامات الوهن و الضمور بسبب ما آلت إليه حياته من اكتئاب و تحسر ..فدب إلى فؤادي شؤبوب من الحزن و الكآبة ..
لا زلت أتذكره أيام الدراسات الجامعية الأولى بمكناس الزيتون ؛ كيف يرصف كتبه وحياته باهتمام شديد ، فاستبشرت له و الجميع آنئذ بغد واعد ..وحياة زاهية ملأى بالانجازات الكبرى..غير أن كل التكهنات ذهبت أدراج الرياح؛ فأصبحت اليوم مجرد وساوس هزت أركان عرش هذا الصديق الذي تقاذفته أمواج الحياة تباعا ، حتى طوحته إلى قلب خم العزلة و الحرمان و المعاناة ..
لقد طغيت أيها الصديق كثيرا وبغيت و تجبرت بعد أن كان التواضع سمتك الأولى ..لكن بعد أن وضع الجميع على رأسك تاج الفتى الموهوب القادر على إزاحة جبل "توبقال" في سرداب حياته ..أصبت مباشرة بجرثومة المرض والغرور ..فتغيرت بصورة فجائية؛ من سيرة ذاك الإنسان المتواضع المحبوب.. إلى سيرة ذلك المتكبر المغرور .. فاعتقدت خطأ بأن المال وحده قادر على صناعة الحياة ..وتغاضيت الطرف عن الحب و الصداقة و العلاقات الاجتماعية الناجحة مع الآخرين ...وكل ذلك زعزع بالتالي قواعد حياتك الجديدة فسقطت مغميا عليك من شدة الفاجعة ،التي لحقت بعرشك الذي لم يسلم من بؤس الظروف وعتمة الحياة..ففقدت أعز ما تملك في هذا الوجود الكئيب ؛ فقدت الأصدقاء ، الخلان ، الأحباب... و المدينة الفاضلة .
أعلم جيدا أيها الصديق أن الحنين والشوق قد هاجك إلى الزمن الخالي ، بيد أن عتمة الحياة كانت أشد ديجورية في وجهك فحكمت عليك بالانطواء وبتأنيب الضمير ... وكل ذلك غير مجرى حياتك بالكامل .ا؟
تعليقات
إرسال تعليق