أي حياة نعيش في كنفها في هذه الظروف القاتمة، التي أضحت عاصمة الفلاحة تتخبط فيها نتيجة لأعمال الشغب التي قامت بها البورجوازية المكناسية ، في ظل ستاتيكية الطبقة العاملة و السحيقة ، و أي نقد لاذع سيتم توجيهه إلى ثقافة أبناء العمال، في ظل التغيرات الصاخبة التي يشهدها عالم العولمة و مجتمع المادة .
بئس الحياة التي يعيشها أبناء الطبقة السحيقة ، في ظل هذا التغير الحاصل في أنماط تفكير المغاربة..في مجتمع باراغماتي يلهث وراء الربح و المنفعة ، ليس من الجيد تبني ثقافة الخضوع أو " تحشوميت " أمام أشباح مقلدين للمظاهر و النائيين عن الجواهر والألباب المرنة. لقد مات الفلاح موتة واحدة ولم يعد له أثر ، لا أتحدث عن أثره الوجودي- المادي، و لكن عن وجوده الأخلاقي و القيمي ، بوصفه شخصا يمتلك الكرامة و يفرض الاحترام..
مات الفلاح لأنه بعيد عن التحضر وزمن المادة و المظاهر المزيفة .. مات الفلاح الذي لا مال له و لا متاع و لا تمظهر..مات الفلاح لأن المخيال الشعبي لأغنياء المدينة لا يقيمون أي وزن لفقرائها ..فقد تغيرت الأنماط وبرز الى هذا الوجود جيل من الأصنام و الدمى المتحركة؛ التي تتعامل بمنطق العجول و تفكر بمنطق النعاج ؛ فاتسعت المسافات الاجتماعية ، و اضمحل الإحساس المشترك لقيم هذه الأمة و ثوابتها ..فأصبحنا نعيش في مجتمع أقصى الفقير من السكة ، سكة الاعتراف و التقدير ، سكة الاحترام و الاشادة و التنويه..ولم يعد يعترف الا بالمظاهر الخارجية والزي و الهندام العصري و الأناقة.
إن موت الفلاح ؛ و الذي ما هو الا استعارة عن موت الاعتراف بالجواهر و التأثر بالمظاهر ...جعلني بالفعل أتأمل ثقافة هذا المجتمع الذي اعتبرته مجتمعا ماديا بامتياز ، مجتمع المظهر واللاعتراف..مجتمع تآكل و اضمحلال الحس المشترك ..مجتمع التخلف الأكبر ..و التأخر الأخطر ..مجتمع الفصاميين الدين لم يستطيعوا مواكبة التطور ولا الحفاظ على التقاليد و الأصول...مجتمع الماديات و البيزنيس و اللاتجانس...
تعليقات
إرسال تعليق