saidi.samir89@gmail.com
يجب أن نتبنى موقفا ثابتا
اتجاه العلائق الانسانية لنكون رؤية شمولية لوجودنا الاجتماعي ونتفادى بالتالي الوقوع
في زلل الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها مجتمعاتنا عبر التاريخ، ولكي لا نكون استمرارا
لخط متصاعد من التخلف والتأخر علينا الآن أن نقرر كيف نتصرف؟ وكيف علينا أن نفكر تفكيرا
علميا يمنعنا بالتالي من الوقوع في زلل العنصرية المقيت.
نعم العنصرية مصطلح أستخدمه
بشدة لأن مظاهره منتشرة آخذة بالتزايد رغم حاجة المجتمع المغربي حاليا إلى تعاضد كل
مكوناته بسبب ما يتهدده من أخطار خارجية تهدد أمنه. والعجيب في الأمر أنه كلما سألت
إنسانا عن موقفه اتجاه العنصرية كفكر وممارسة يجيبك بانه ضد هذه الظاهرة الشنيعة، لكن،
دون أن يحس أنه يمارسها هو الآخر في حياته اليومية وبأشكال مختلفة بوعي أو بغير وعي.
فبعض الأمازيغ الأحرار يستخدمون أساليب فكرية تاريخية وإنسانية للدفاع عن مواقفهم دون
أن يأدنوا لأنفسهم بالدخول في معمعة العنصرية العرقية ولمثل هؤلاء نرفع القبعة مؤيدين
ومتمنيين لهم بالتوفيق في تحقيق المزيد من الحرية لهذا البلد ونحن طبعا معهم
قلبا وقالبا لتحقيق هذه المكاسب العظيمة، لأن دفاعهم يروم تحقيق المزيد من الحرية في
مجتمع هو في أمس الحاجة للحرية. لكن كثيرا من المحسوبين على النضال الأمازيغي يستخدمون
العنصرية للدفاع عن مأساتهم ضد العنصرية بالذات، فهل يجب حقا لمثل هذه التصرفات أن
تستمر؟ الجواب طبعا بالنفي لأن زراعة الاحقاد في المجتمع لن تنفع لا الامازيغ ولا العرب،
ولن تنفع أي إنسان.
رغم أهمية هذه الفكرة
إلا أني أرى ضرورة تبني أفكار ثابتة عوض مثل هذه المواقف الشخصية، فمثلا أنا كأمازيغي
أسمر هل علي أن أتبنى النضال من أجل الأمازيغية ويكون مجمل فكري ومعارفي وقوتي موجها
إلى خدمة هذه القضية المحور، أم يجب أن يكون نضالي إنسانيا كونيا يرفض "العنصرية"
في مجمل أشكالها وأنواعها؛ دينية، عرقية، مجالية، طبقية، جنسية، وهلما جرا ؟
إن السمو بالأفكار ينبني
على قدر كبير من المعرفة العلمية بالإختلاف وإدراك جوهر هذا الإختلاف واستيعابه بشكل
إيجابي، فالأمازيغ كما اكدت كتب التاريخ تعرضوا عبر تاريخيهم الطويل لسلسة من الاستعمارات،
كما أن دخول المسلمين إلى شمال افريقيا لم يتم في مجمله بطرق سلمية، ولم تحترم فيه
قواعد وأخلاقيات مفهوم "الفتح الإسلامي" بل كانت هنا انفرادات منحرفة بأشكال
التدخل؛ فتم التقتيل وتمت إراقة الدماء. لكن رغم هذه الحقيقية التاريخية الصادمة إلا
أن السؤال المطروح الآن؛ هل يجب أن نحمل عرب اللحظة مسؤولية ما اقترفته أيدي القادة
الطغاة من المسلمين المنحرفين في الماضي ؟
يبدو أن هذا ليس منطقيا؛
فجيل الأبناء هو الآخر ضحية لتاريخه، ولا يملك هذا الجيل من أمره شيئا. لهذا فالفكرة
الأجدى هي أن نرفض أي فكر عنصري وننتقده بشدة دون أن نسمح لأنفسنا بتبني عنصرية مضادة
كما يحدث الآن. لأنه ببساطة ليست هناك عنصرية سيئة وأخرى جيدة، فهذه الظاهرة سيئة مهما
كان من يتبناها يملك من الحقائق التاريخية ومن المعارف حول الوقائع الإجتماعية. لهذا
يجب علينا أن نمتلك كل الجرأة لننتقد هذه الظاهرة بشكل يحد منها لا بشكل يمهد لبروز
عنصرية أخرى بديلة. فان تعرض أسود للعنصرية مثلا على الجميع أن ينهض بما في ذلك البيض
أنفسهم، وإن تعرض يهودي لعنصرية على الجميع أن ينهض للاحتجاج بما في ذلك المسلمون أنفسهم
وإن تعرض أمازيغي أو عربي أو مسيحي..أو امرأة أو رجل أو طفل للعنصرية على الجميع
أن ينهض للاحتجاج لأننا أمام "عنصرية" وهي ظاهرة مرفوضة في المجتمع الذي
يؤمن حقا بضرورة تحقيق المزيد من الحرية.
إن باب التأمل مفتوح لكل إنسان ليراجع فكره ويستأصل النباتات الضارة في فكره
ويعوضها بنباتات تثمر ثمارا حلوة. وهدفنا أن نكون معا لنبني مجتمعا مغربيا مفعما بالحرية،
مؤمنا بالاختلاف ومؤنا بقيم الحب والتواصل والإنفتاح، لا التقوقع والدعوة إلى الانغلاق.
تعليقات
إرسال تعليق