التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكتابة تأريخ للذات







الشيء غير المقبول نهائيا في عالم الفلاحة والزراعة يتجلى في اقتلاع الثمار قبل أن تينع ويحين موعد قطافها، ففي ذلك ضياع للمجهودات المبذولة في الحرث والسقي والمراقبة وحراسة الحقول، والأخطر من ذلك في حقل المعرفة، أن تكتب إنتاجا وتنشره قبل أن يحين أوان ذلك، أي قبل أن يينع الفكر ويتجاوز مرحلة التذبذب
والأخذ والجدب، أو ما يسميه البعض مرحلة المراهقة الفكرية التي تسبق مرحلة النضج والروّية و(الاكتمال).ففي ذلك مجازفة بمستقبل الذات، وأحد أكبر أسباب استقطاب سهام العنف والنقد، غير أن التعلل بالأوان المناسب كشرط أساسي "للإنتاج" لا يعني أن يبقى الانسان أسير الانتظار وترقب النضج الذي قد يتأخر موعده، فيحرم بذلك الفرد نفسه من إنتاج كان ليكون له بعض الشأن أو كثيره، إنما المطلوب بحق هو تعويذ النفس على المحاولة والخطأ والبحث عن أسباب اكتساب الخبرة والحنكة في الولادة، وترويض العقل على السباحة في عالم الخيال الفكري، وترجمة الأفكار والمعاني والتمثلات إلى نظام من الرموز والدلالات، كل ذلك بإمكانه أن يفتح  شهية التهام الروايات العالمية ويحول الأمل من سقف سطحي مرتبط "بالبطن" إلى سقف غير محدود مرتبط "بالفكر".

ولن يتأتى في نظري للإنسان الذي يختزن رأسه بعض الطموح التعبيري أن يحقق مراده، ويفجر طاقته، إلا عن طريق تعويذ الذات على حب الكتابة، وسيكون منطقيا أن يشرع الطامح ويبدأ بكتابة مقالات ذات فحوى ومضمون يعرضها في سوق النقد ليعدل سذاجته، ويطور أداءه في حقل التنافس، وعليه بعدئذ أن يطور أداءه دؤوبا ليرتقي إلى تجارب أخرى أكثر عمقا وفائدة، كان هذا مبدأ آمنت به منذ مدة طويلة، فأنتجت مجموعة من المقالات أعيد قراءتها من حين لآخر، وفي كل قراءة سرعان ما أكتشف أخطاء لغوية فأعيد صياغتها، وسذاجة فكرية فأعيد التفكير فيها بروية.. طبعا إن الكتابة والنشر ليس سلبيا بأخطائه وإنما هو تأريخ للذات وتطورها في منحنى الفكر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل