إن مشروع القضاء على "التمييز
العنصري" بالجنوب الشرقي خاصة والمغرب عامة، يجب أن يبدأ من التعليم القاعدي
ومن الأسرة، عن طريق تلقين الأطفال أبجديات حب الاخر المختلف لغويا، دينيا، جنسيا،
وكذا المختلف على مستوى اللون والجغرافيا وما إلى ذلك.
ويجب في نظري قبل الاقدام على دراسة خطوات مشروع محاربة التمييز العنصري المقيت، أن نقيم تقييما عاما لوضع "الأقليات الثقافية" في بلادنا، بغية كشف درجة حضورها على مستوى الثقافة الشعبية المغربية والاعلام، وعلى مستوى القطاعات العامة والسياسة الداخلية والخارجية، وقياس درجة تعرضها للتهميش والتنكيب الثقافي والاجتماعي، وسيكون للباحثين في حقل الثقافة الشعبية على وجه الخصوص، والعلوم الاجتماعية عموما، دور كبير في التحليق بهذا المشروع عاليا، خصوصا لو تم اعتماد مناهج علمية دقيقة في التقصي وتحري الوضع السوسيوثقافي لمختلف الأقليات الثقافية التي تعشش في المجتمع المغربي، والتي لم يعــرّف بها الاعلام المتحيز حتى الآن.
فالبعد الافريقي مثلا ظل
مغيبا نتيجة غياب دراسات وأبحاث ذات بعد سوسيولوجي تشخيصي كاشف للمعاناة التي
تعانيها هذه الفئة اجتماعيا وسيكولوجيا وثقافيا على الرغم مما تزخر بها ثقافتها
الشعبية من غنى وتنوع، كما ان "الحراطين" الذين يقال عنهم بانهم من أب
أمازيغي وأم افريقية حسب بعض الروايات، لا يزالون يعيشون ظروفا ضنكاء في ظل
التعتيم الذي لحق بثقافتهم ومختلف الأشكال الطقوسية والاحتفالية التي تزخر بها
مختلف اثنياتهم.
إن الثقافة الشعبية
المغربية غنية ومزدهرة، غير أن العنصرية تكتنفها من كل حدب وصوب، ولا يجب أبدا
كمشتغلين في هذا الحقل المعرفي أو ذاك أن ننشغل بالأشكال الاحتفالية وننس النقط
السوداء المكفهرة فيها، ويجب أن يكون الرهان من خلال تسليط الضوء على الجانب
المبهم والشائك في العلاقات بين الأقليات الثقافية وعنصرية الدولة في حق بعض
الجغرافيات الثقافية ؛ كشف القناع عن الممارسات العنصرية وفهم الكائن والتفكير في
الممكن لتجاوز التمزق الحاصل في اللاوعي الجماعي للجماعات والأقليات الثقافية.
تعليقات
إرسال تعليق