لم تعد المرأة نصف المجتمع المشلول، بل أضحت
تتقلد اليوم مناصب عالية في الوزارة والأعمال، وهذه المكاسب العظيمة إنما تحققت
للمرأة اليوم في أكثر من مجتمع بفضل نضالات الحركات النسوية المستميث على ملفاتهن
المطلبية، متشبعات بذلك بالحس النضالي والفكر الثوري، وقبل الحديث عن أهم الحركات
النسائية وطبيعة ما تحقق لهن من مكاسب، وكذا أهم الفاعلات من داخلها دعونا وإياكم
نلقي نظرة خاطفة جارفة حول الوضع المتأزم الذي عاشت في كنفه المرأة، وذلك في أكثر
الدول مناداة بتحريرها، إذ أنه على الرغم مما تحقق اليوم إلا ان التاريخ لا يزال
شاهدا على ظروف ضنكاء عاشتها بمرارة نساء منسيات بتعبير فاطمة المرنيسي، واللائي
غيبن من صناعة التاريخ بفعل الهيمنة الذكورية التي كانت السمة السائدة للمجتمعات
التقليدية في أوروبا وخارجها.
كما لا يخفى على أحد، عاشت المرأة ظروفا
قاسية في مجتمع غربي عاشت فيه قاعدة من الشعب آلاما واضطهادا حظيت المرأة بأوفر
نصيب منه، فقد كانت الكنيسة الكاثوليكية مستبدة فسامت الانسان سوء عذاب، فقد
احتكرت العلم من جهة واستغلت سذاجة الناس من جهة ثانية، عبر بيع صكوك الغفران ومنع
تعليم البنات، واستغلالهن جسديا من طرف رجال الكنيسة، وقد كان من بين الذين
اكتسبوا مهارة فائقة في بيع صكوك الغفران الراهب الدومنيكاني "تـتزل"
الذي كان يخاطب الناس بقوله " إنه ما أن يسمع رنين العملة في الصندوق حتى تكون
روح من دفعت من أجله قد تحررت وأخذت طريقها نحو الفردوس ".
بهذه العبارات كانت الكنيسة تهيمن على الناس
وقتذاك، وبمثل هذه الخطابات التي تجد أساسها من "المقدس" ظلت المرأة
تعيش تحت رحمة الأعراف والقيم التي أنتجتها خيالات رجال الدين والكنيسة. فكان هذا
الوضع المتأزم بالفعل في حاجة ماسة الى التغيير بغية الانعتاق بوضع المرأة من جهة،
وبناء نموذج حضاري منشود من جهة أخرى، وكانت أولى الارهاصات التي نحت منحى الخلاص
من جبروت الواقع المعيش وقتئذ للرجال والنساء على حد سواء؛ انبثاق الحركة
الانسية التي حملت لواء تحرير الانسان من سلطة الكنيسة الكاثوليكية، عبر
العودة الى الماضي وتقديس الانسان وما يبدعه من فنون وأفكار، وهكذا نجد إيرازم
ومونتاني مولعان بشيشرون وسقراط وبفلسفة القدامى من اليونان والرومان،
وبعد أن عمل أقطاب هذه الحركة على نشر أفكارهم في مختلف المدن الأوربية كانت ملامح
انبثاق النهضة الأوربية تتضح معالمها بصورة أفضل، وقد عجل اختراع مطبعة يوحنا
غوتنبرغ 1455 بانبثاق عصر النهضة، التي ظهرت فيه منظومة جديدة من الأفكار حلت محل
الأفكار التقليدية الكنسية، غير أن هذا التطور المذهل الذي تحقق في المجتمع
الأوروبي لم يوازيه تطور في قضية المرأة، بل ظل بعض الفلاسفة يكتبون ويعبرون عن
دونيتها، ولم يبزغ الوعي بالهوية النسائية كهوية ايجابية إلا بعد ثورة عصر الأنوار
بقرنين تقريبا، حيث كانت لمقولة رونيه ديكارت حول العقل والتي تقول " إن أعدل
الأشياء قسمة بين الناس هو العقل، إننا نخطئ والخطأ ليس نابعا من عقولنا بل إلى
سوء استخدام هذا العقل" علاوة على مقولة إيمانويل كانط " فلتجرؤ على
المعرفة، ولتكن لديك الشجاعة على إعمال عقلك الخالص " زد على ذلك مجموعة من
المقولات والأفكار التنويرية الداعية الى تخليص العقل من الأوهام وشوائب الثقافة؛
كل ذلك قوى من الاحساس بضرورة التفكير في الوضع النسائي ونقده.
1) الحركات النسائية والتيارات الاشتراكية:
لعبت التيارات الاشتراكية دورا كبيرا في إغناء الرؤى حول قضايا
النساء، خصوصا في شحن هذه الحركات بالحس النضالي لتغيير اوضاعهن، ويشبه كارل ماركس
أوضاع النساء بحالة الطبقة العاملة وحال الرجل بالطبقة البورجوازية المهيمنة، وعلى
النساء أن يقمن بالثورة من أجل إسقاط نظام الهيمنة وتغيير واقع حالهن إلى الأفضل،
وتؤكد A. Bebel أنه على
النساء أن يناضلن ليحصلن على مكاسب وليس انتظار الرجال لإيجاد حلول لأوضاعهن[1]
وهناك حسب
شكري سلام، نساء حكمن تاريخ الحركات النسوية الليبرالية من أمثال "
كلارا زيتكن وألكسندر كولونثاري.." غير أنه وفي المجتمع الأمريكي الأكثر
ليبرالية برزت حركات راديكالية " أكثر تطرفا " يطالبن بمطالب جذرية تروم
كما بين ألان تورين قلب الوضع وإبدال الهيمنة الذكورية بهيمنة نسائية.[2]
2) النسوانية أو الحركات النسائية المتطرفة:
كان حضور الحركات النسائية بالولايات المتحدة الأمريكية وازنا،
خصوصا وأنها استفادت من هجرة العلماء والمثقفين إليها قادمين من أوروبا خاصة أقطاب
مدرسة "فرانكفورت الألمانية"، وهكذا نشأ بأمريكا فكر نضالي متشبع فكريا
بتحليلات germaine
gireer. bettyfreedan - juliette mitchel - simone de bouvoire - markouz ...فبرزت
الراديكالية النسوية كقوة لقلب هيمنة الذكور وكان من نتائجها ان برز السحاق بصورة
متنامية من أجل التحكم في الجنسانية "طفل إذا شئت ومتى شئت"[3]
كما برزت المثلية الجنسية ومظاهر أخرى من إعادة بناء الأجساد وتمثلات الجسم
الانساني وتغيير صوره، وصياغة منظومة قيم جديدة أكثر تحررا من كل عقيدة دينية أو
ايديولوجية بطريركية ذكورية.
لقد حققت الحركات النسائية بالغرب
مجموعة من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إذ أن تركيز الليبراليات على
قضايا من قبيل التحيز الجنسي، التفرقة في المعاملة ضد النساء في أماكن العمل، حقوق
المرأة في المشاركة في تخليق الحياة الاجتماعية والسياسية والحق في العمل بأجور
مرتفعة تماما كالرجل، فضلا عن الحق في الظهور في الاعلام وما إلى غير ذلك، جعلهن
في مركز الحراك الاجتماعي والواجهة السياسية فتم لهن تحقيق هذه المكتسبات، قس على
ذلك بروز توجه عنيف راديكالي يسعى لإبدال الهيمنة الذكورية بهيمنة أنثوية، الشيء
الذي أدى إلى الحديث عما أسماه ألان تورين مجتمع النساء la société de
femmes.[4]
3)
الحركة
النسائية العربية
فيما
يخص الحركات النسوية في الوطن العربي وفي المغرب الكبير، فجدير بالذكر أن من حمل
لواء هذه الحركات كما بين الأستاذ العربي وافي، هم قطب الرجال أكثر منهم النساء، ويرجع سبب الى ذلك
إلى مسألتين أساسيتين:
الأولى، أن المرأة لازالت في ذلكم الوقت أسيرة
المجتمع التقليدي القديم، الذي حرمها حقها في التعليم والسفر والخروج من قعر
المنزل، ومنعها حقها وحقها...
والثانية أن قضية المرأة في الوطن العربي
والمغرب الكبير، قد وازى ظهور ما يسمى بالنهضة العربية المتأثرة بالحداثة الغربية،
والمكاسب التي تحققت للمرأة بالغرب، وكذا مشاركتها الوازنة في تخليق الحياة
الاجتماعية والسياسية، وبالتالي كان رهان حاملي مشروع النهضة العربية الاهتمام
بقضية المرأة نظرا لأهميته في تحديث بنى المجتمع وعقليته التقليدية، ومن بين أهم
من حمل لواء هذه الحركة؛ قاسم أمين، ورفاعة الطهطاوي، هدى الشعراوي، والطاهر
الحداد، علال الفاسي، مصطفى كمال، نظيرة زين الدين..إلخ .فهؤلاء جميعا تأثروا
بالفكر التنويري الحداثوي فدافعوا عن حق المرأة في التعلم كما دافعوا عن الحرية
الاجتماعية، فتعليم المرأة قطب رحى المشروع النهضوي العربي وبالتالي فهي المؤمل في
تغيير واقع الحال نحو الأفضل.
ونجد في سابقة تاريخية أن هدى الشعراوي
تخلت مبكرا عن الحجاب، محررة النساء على حد تعبير العربي وافي من خناق تاريخي اشتد
حول أعناقهن،[5]
فحاربت تعدد الزوجات كما حاربت حرية الرجل المطلقة في الطلاق. وبخصوص زين الدين
نظيرة في لبنان فقد أصدرت كتابا بعنوان " السفور والحجاب" سنة 1928 الذي
كان له وقع كبير في الرأي العام. ونجد إضافة الى ذلك الطاهر الحداد يشبه المرأة
بكنز عائلي يكسوه الغبار وكل ما نحتاجه هو إزالة هذا الغبار والاستفادة منها في
نهضة المجتمع العربي عبر تحريرها من أتون التقاليد والأفكار المنمطة.[6]
4)
المرأة والاتفاقيات الدولية:
جاء في نص الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة
ما يلي:
"...إن التنمية التامة والكاملة لبلد ما، ورفاهية العالم وقضية السلم،
تتطلب جميعا أقصى مشاركة ممكنة من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين
".[7]
يرى الأستاذ العربي وافي أن اللامساواة الاجتماعية، إحدى أهم عوائق التنمية
وعقبة لأداء طريق تنفيذ برامجها، ويرى ضرورة ان تكون قضية المرأة من صلب اهتمام
الرجل فهي الرحم الذي يهبه الحياة[8]
ترتكز مشكلة المجتمع في كونه يصوغ عادة أفكار منمطة عن المرأة، وهذه
الأحكام القاسية تقوم على تصنيف اجتماعي واضعة المرأة في مكانة ثانوية بعد الرجل،
والحال هذا قد تغير نتيجة نضالات الحركات النسوية في كل مجتمع، كما ان المنتظم
الدولي تدخل في هذا الصدد وأجرت كبيرات الدول في العالم مجموعة من المؤتمرات
والاتفاقيات بشأن القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، ويمكن أن نذكر على سبيل
المثال لا الحصر المؤتمر العالمي للمرأة في مدينة مكسيكو 1975 وكان هدفه الزيادة
في فرص المرأة واندماجها في مختلف مرافق الحياة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، أضف
الى ذلك مؤتمر كوبنهاغن بالدنمارك 1980 والذي حمل شعار "عقد الأمم المتحدة
للمرأة العالمية، المساواة والتنمية والسلام بين المؤتمرين"، انعقدت أخرى
أهمها تلك التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 وكانت تهدف الى
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، أضف الى ذلك انعقاد مؤتمر نيروبي في
كينيا سنة 1985 وكان هدفه استعراض التقدم المحرز في تنفيذ خطة العمل العالمية بعد
مرور عشر سنوات على وضعها قيد التنفيذ ودراسة المعوقات التي تحول دون تنفيذها
كاملة في جميع أنحاء العالم، علاوة على مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة سنه ،1994
وما يلفت النظر فيه دعوته الى حرية الجنس للمرأة ثم المناداة بقانون الاجهاض
وتغيير وحدة المجتمع الأساسية. أما مؤتمر بيجين الذي عقد في 1995 فقد صدر عنه
تمكين المرأة ومشاركتها الكاملة على قدم المساواة في جميع جوانب حياة المجتمع، بما
في ذلك عملية صنع القرار وبلوغ مواقع السلطة. زيادة على الاعتراف الصريح بحق جميع
النساء في التحكم بجميع الأمور المتعلقة بصحتهن وخصوصا تلك المتصلة بالإنجاب.
ترى الأمم المتحدة كما جاء في الاتفاقية السالفة ذكرها، أن موضوع المرأة من
أهم الموضوعات التي يجب أن تهتم بها كل الدول في العالم، لأن تهميش المرأة له ارتباط وثيق بما يعانيه العالم اليوم من
تقهقر شامل في كل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالأمية والجهل
على سبيل المثال الذي تعيشه المرأة في العالم الثالث ساهم في تكريس التخلف لأن ذلك
صرفها عن العمل والانتاج.[9]
والواقع أن نضالات الحركات النسوية تخطى الملفات المطلبية الداعية الى
تحرير المرأة، إلى وصولهن في أكثر من موقع إلى حالة الهيمنة، ويمكن فهم أسباب هذا
التحول في مجموعة من الأبحاث قدمها ؛ كونيل وغريفان وسارة ويلوث وغيرهم.
5)
تحولات
الذكورة
يقول بورديو "إن التغير الأكبر
الذي حدث هو أن الهيمنة الذكورية لم تعد بالأمر البديهي المفروغ منه ولاشك أن ذلك
راجع الى العمل النقدي الكبير للحركات النسائية "[10]
;يعتقد كونيل، أن نسق الذكورة قد
تعرض لأزمات ثلاث هددت استمراريته:
أ)
أزمة المأسسة:
الدولة والعائلة وغيرها من البنى الاجتماعية أخذت تفقد سطوتها من طرف الرجال بفعل
القوانين الجديدة والتشريعات ومنظومة القيم الجديدة السائدة
ب) أزمة تكوين المصالح: حيث تأثرت
مؤخرا مؤسسات وجمعيات واتجاهات ترفع شعارات مناوئة للنظام الجنوسي القائم، وتدافع
عن حقوق النساء المتزوجات وتحاول الحد من الميول التي تنتقص من قدر المرأة أو تهمش
دورها على مستوى استعمال اللغة المتداولة بصيغة المذكر
ت) أزمة النشاط الجنسي: من مظاهره
تصاعد الوعي لدى النساء بأن لهن الحق في التمتع بالعلاقة الجنسية باعتبارهن شريكات
فاعلات ولسن مجرد أطراف متلقية فحسب.
والواقع أن ازمة الذكورة لم يتحدث عنها فقط كونيل، بل ظهرت نخبة من الباحثين
في انجلترا وامريكا تحدثوا عن مظاهر هذه الأزمة، والتي حددت بخاصة في ظاهرتي
البطالة والجريمة، ونجد على سبيل المثال
دراسة أقيمت حول أوساط فقيرة من المجتمع الإنجليزية قامت بها الباحثتين "سارة
ويلوث، وكريستين كريفان willott and griffin[11]،
في أوساط مجموعة من الرجال الذين تشيع البطالة والعوز الاقتصادي فيما بينهم لفترات
طويلة في انجلترا، كان المثل الأعلى لهؤلاء الرجال هو العمل وكسب رزقهم وإعالة
عائلاتهم عن طريق ما يحققونه من دخل لا عن طريق ما تقدمه لهم الدولة من مساعدات
ومعونة. وقد كان من نتائج هذه العطالة أن تم تقويض ذلك المثل الأعلى زد على ذلك
تراجع مكانتهم وثقتهم بأنفسهم في نظر أنفسهم ونظر الآخرين، علاوة على غياب الكثير
من عناصر الذكورة التقليدية.
أما بخصوص الجريمة كمظهر من مظاهر أزمة الذكورة، فجدير بالذكر أن
"بياتركس كامبل" و"سوزان فالودي" compbell ;
faludi قدمتا
دراستين متميزين في هذا الصدد؛ فالأولى انتبهت الى التغيرات التي طرأت على
التصورات والتوقعات الاجتماعية لدى الشباب ( الذين ينتمون بخاصة إلى الأوساط التي
تكثر فيها الجريمة ). فإذا كان جيل الشباب في الماضي يحلم بأن تكون له أدوار محددة
في المجتمع " دور المعيل للأسرة مثلا " فإن هذا التوجه قد بدأ يضمحل
نتيجة أزمة البطالة وانتشار الفقر. أما الثانية فترى في معرض وصفها وتحليلها لأزمة
الذكورة في امريكا في نهاية القرن العشرين، أن المجتمع قد قام بدوره بخيانة الرجل
عندما أخفق في توفير فرص الشغل والعمل، وأنقص في أجورهم وطالبهم بقضاء ساعات طويلة
في أماكن عملهم، وهددهم في الآن ذاته بحرمانهم من عملهم وأفقدهم الاحساس بالأمن
الوظيفي.
وقد خلصت دراسة فالودي كما أورد ذلك
أنتوني جيدنز، إلى ان الرجال في المجتمع الأمريكي يعانون أزمة عميقة، إذ أنهم
بدأوا يشككون في قدرتهم وجدواهم الاجتماعية في الوقت الذي بدأت فيه الولاءات
والالتزامات أو الأدوار التقليدية في وجه الثقافة الاستهلاكية، ومتطلبات المجتمع
الاستهلاكي الحديث في الولايات المتحدة الأمريكية.
بخصوص الدراسة التي قدمها جوناثان ردفورد rotherford
فيلاحظ بروز صورتين للرجل في وسائل الاعلام والاعلان الحديثة، تمثلان ردا على
التحديات التي طرحتها الحركات النسوية، وعلى الدور الجديد الذي بدأت تتخذه المرأة
في المجتمع المعاصر.
الصورة الأولى تمثل "الرجل القصصي": المطابق للمواصفات التقليدية
للرجولة في المفهوم العام إنه الرجل الذي يدافع عن رجولته وينظر بازدراء واستعلاء
للرجال الآخرين الذين يتميزون بالنعومة والتخنث. يلجأ هذا النوع من الرجال الى
العنف والفظاظة في ممارساتهم وسلوكهم تجاه الاخرين على المستوى الشخصي كما يعتمدون
على المجازفة وعلى قدراتهم الجسدية للدفاع عن القيم التقليدية والنظام الاجتماعي
القائم على مثل هذه النماذج نراها في شخصيات ذائعة الصيت في صناعة السينيما
الغربية مثل " الكاوبوي" و" رومبو" فهذه النماذج إنما تطرح
نفسها لتكريس معنى الرجولة التقليدية المهيمنة في السياق الاجتماعي والثقافي.
أما الصورة الثانية فتتجلى في "الرجل الجديد" الذي يعبر في نظر
الدارسين عن رجولة مكبوتة، يتصرف بحساسية بالغة لدى النساء والأطفال، إنه أب حنون
عطوف مثلما يتمتع بجاذية جنسية تجاه
النساء، ويرى الباحثين في هذا الصدد بأن شيوع نموذج الرجل الجديد إنما هو محاولة لإعادة
بناء مفهوم الرجولة في أعقاب بروز التحدي المتمثل في النسوية الحديثة.
هناك
إذا صيرورة من التحولات مست الذكورة، لم تعد الهيمنة حكرا على قطب الرجال وهذا ما
يجب أن يعيه المجتمع حاليا، ولما لا وهو مطالب بتقبل الواقع كما هو، خصوصا وأن
الحركة النسائية بمثابة ذات فاعلة تفعل فعلها اليوم في المجتمع.
تعليقات
إرسال تعليق