كتاب * كيف تكتب بحثا جيدا *؛
كتاب مختصر كتبه صاحبه بأسلوب سلس وجميل و قد وضع فيه حوالي 25 خطوة لإعداد البحوث
و الرسائل الجامعية.
فالباحث
المبتدئ، عادة ما يشعر بالحيرة و الدهشة عندما يكون بصدد القيام بإعداد بحث ميداني؛
فكيف يجمع يا ترى مادة هذا البحث ؟ من أين
يبدأ وكيف يبدأ ؟ كيف يقسم بحثه من البداية إلى النهاية؟ كيف يعد الفهرسة ؟ و أين
يضع قائمة المراجع؟
كل
هذه الأسئلة و أكثر تحتاج إلى إجابات قاطعة، وهذا بالضبط ما سيعمل الأستاذ الجليل
أبو الروس على القيام به في هذا العمل.
انطلق
الأستاذ في عمله هذا بتقديم تعريف للبحث
لغويا وعلميا ؛ فالبحث من جهة مرادف لطلب الحقيقة وتفصيلها وإشاعتها، وهو من جهة
أخرى يعني كشف حقيقة شيء ما و أهميته
للناس ، فالبحث إذا من خلال ما سبق، يروم
الوصول للحقيقة وإشاعتها .
أما
أنواع البحوث فيمكن تقسيمها حسب الأستاذ إلى ما يلي :
البحوث
العلمية و البحوث الأدبية : وقد لخصت أهداف هذه البحوث في:
1-
إما إلى شيء
لم يسبق إليه فيخترعه
2-
أو شيء ناقص
يتممه
3-
أو شيء غامض
يشرحه
4-
أو شيء طويل
يختصره
5-
أو شيء متفرق
يجمعه
6-
أو شيء مختلط
يرتبه
7-
أو شيء أخطأ
فيه مصنفه فيصلحه
بخصوص
البحوث الجامعية
فالهدف الأساسي من التعليم الجامعي قبل كل شيء؛ هو تنمية
قدرة الطالب على البحث وجلب المعلومة و التوصل إلى الحقيقة. وتنقسم إلى ثلاث :
بحوث صفية ، بحوث درجة الماجستير ، فبحوث درجة الدكتوراه.
فأما
البحوث الصفية : فهي
التي يكلف الطلاب بإجرائها خلال السنوات النهائية من التعليم الجامعي، وتكون عادة
بحوثا محدودة ويرشد الاساتذة عادة طلابهم نحو الطريقة الصحيحة لكتابة الموضوع،
وتهدف هذه البحوث إلى تنمية قدرة الطالب على البحث وارتياد المكتبات.
أما
بحوث درجة الماجستير: فيكلف الطالب
بانجازها للحصول على درجة الماجستير ، وهي بحوث أكثر عمقا من سابقتها. وعادة ما تكون
لرسائل الماجستير مدة زمنية محدودة سنتين إلى أربع سنوات.
بحوث
درجة الدكتوراه: مضمون هذا البحث يشير بجدارة إلى قدرة
الطالب على التفكير الناضج، و الخبرة المنهجية التي اكتسبها من خلال تخصصه، حتى
يستطيع فيها بعد معالجة أي قضايا علمية تقابله في مجال تخصصه.
أهداف
منهجية البحث العلمي الحديث ؟
1-
تنمية الأسلوب
العلمي في التفكير
2-
اتخاذ أسلوب
منطقي منهجي عندما يتم مصادفة أي مشكلة
3-
كما تهدف إلى
طرح السؤال وصياغة الفرضيات و الاحتمالات الممكنة .
عناصر
المعرفة العلمية
تشتمل
المعرفة العلمية على ثلاثة عناصر أساسية :
1-
الموقف
التعليمي: تنمية فضول الطالب على استيعاب الأفكار و الربط فيما
بينها
2-
مهارات البحث:
ومنها
أ) الملاحظة : وتعتبر حجر الزاوية في أي بحث،
فمهما كانت الملاحظات بسيطة تجتمع لتكون لنا ظاهرة تستحق البحث و الدراسة
ب) القياس: أو تشخيص الظاهرة عبر مطابقتها بالواقع.
ج) التصنيف: تصنيف المعلومات حسب الحجم
مثلا أو اللون أو الوزن ...
د) التفسير: القدرة على تفسير
المعلومات عبر الربط و الاستحضار
ه) الاستنتاج: استنتاج المعلومات
انطلاقا من الملاحظات...
و) الاستنباط : أو استخلاص الجزئيات من
الكليات
ز) الاستدلال : تتبع الجزئيات من أجل
التوصل إلى حكم كلي.
ح) التنبؤ: توقع حادث في المستقبل وذلك
بعد تحليل المعطيات وربطها بالحادث، تماما كما هو الحال في التنبؤ بهطول الأمطار
عند ملاحظة الغيوم و اشتداد الرياح و انخفاض درجة الحرارة.
3-
النواتج العلمية: ما يمكن أن يستخلص من مهارات البحث العلمي من نتائج.
المهارات
المكملة:
·
التعريف
·
الافتراض
·
التحري
·
التجريب
·
الترجمة
·
التخطيط
البياني
الأهلية
للقيام بعمل البحوث
الإمام
النووي: ويحذر كل الحذر أن يشرع في تصنيف من لم يتأهل له ، فان
ذلك يضره في دينه وعلمه وعرضه.
أبو
عمرو بن العلاء : الإنسان في فسحة من عقله وفي سلامة من أفواه
الناس ما لم يصنع كتابا أو يقل شعرا .
العتابي:
ومن وضع كتابا فقد استشرف للمدح والدم. فان أحسن فقد استهدف للحسد و الغيبة وان
أساء فقد تعرض للشتم واستقدف بكل لسان .
اختيار
مراجع البحث
كان ابن سينا إذا وقع له كتاب مجرد لا ينظر فيه على
الولاء، بل كان يقصد المواضع الصعبة فيه ،
و المسائل المشكلة فينظر ما قاله مصنفه فيتبين به مرتبة من العلم ودرجته في الفهم
وبعد أن يتأكد * ابن سينا * من جدارة المؤلف والقيمة الكبيرة للمرجع ، الذي بين
يديه كان يبدأ في جمع مادته * بوعي * ويقظة وحذر من الوقوع في أخطاء فيما كان
يدركه أو يقتبسه.
في
بناء وصياغة البحث
يجب الحرص على عدم الاعتزاز بالقول كما ينبغي التبسيط،
يقول رونيه ديكارت : أن أسير أفكاري بادئا
بأبسط الأمور و أسهل معرفة، كي أتدرج قليلا قليلا حتى أصل إلى معرفة أكثر ترتيبا،
بل و أن أفرض ترتيبا بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضها الآخر بالطبع.
أفكار
أخرى ذات صلة بالموضوع :
·
للكلمة خطرا و
أخطر ما تكون عليه عندما تكون مدونة مباحة لكل الناس.
·
لا بد للباحث
أن ينقل أفكاره للناس بلغة سلسة و أسلوب جميل: لأن ذلك يقرب المعاني للمتلقي ويزيد
المعنى وضوحا .
·
يقول الجاحط
في كتابه * البيان و التبيين * و أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه
في ظاهر لفظه ، ولأن الله عز وجل قد ألبسه من الجلالة وغشاه من نور الحكمة على
حساب نية صاحبه ، وتقوى قائله فإذا كان المعنى شريفا واللفظ بليغا وكان صحيح الطبع
بعيدا عن كل الاستكراه ونزيها عن الاختلال مصونا عن التكلف صنع في القلوب صنيع الغيث في التربية الكريمة.
·
الجاهل يستعجل
اظهار المعاني قبل العناية بها بتزيين معارضها واستكمال محاسنها.
·
حسن الخط يزيد
الحق وضوحا.
·
من صفات
الباحث الجيد الصبر و الانضباط في طلب العلم
·
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم * أطلبوا العلم ولو في الصين *
·
وقال تعالى *
فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون * النحل* .
نيكلسون ( المستشرق الانجليزي)
لقد كان العلماء العرب في العصر الإسلامي
يقومون برحلات هي أقرب إلى الأساطير. وان أحدهم ليقطع القارات الثلاث ، و ليس له
من دابة تحمله سوى قدميه ثم يعودون إلى أوطانهم كما يعود النحل محملا بالعسل ، وما
ذلك إلا ليبحث عن كتاب أو يناقش علما أو يحضر على آخر .
مواصفات البحث الجيد :
ليلقى البحث قبولا و يحظى بدرجة عالية
من التقدير؛ فيجب أن تتوفر فيه المواصفات التالية :
أ- الالمام بموضوع البحث :
·
الإلمام
بجوانبه المختلفة و المتنوعة، وقواعده ومفاهيمه، وذلك بالاطلاع على عدد من كتب والمراجع
القيمة، و يجب أن تساق المعلومات بشكل نسقي يبدأ بالقديم وينتهي كما أشهد إليه
المعاصرون من أبحاث ودراسات حول موضوع البحث .
·
كثرة استخدام
المراجع فيه التأكيد على المعلومات و الإلمام
بها من مختلف النواحي
·
الإلمام كذلك
بالمصطلحات و المفاهيم الخاصة بموضوع البحث ودلالتها واستخدامها في مواضعها
الصحيحة ( أهمية قاموس علم الاجتماع لطلبة هذا العلم مثلا)
·
الحقيقة أن
أغلب الكشوف و الاختراعات المهمة، كانت تتطلب الصمود بإصرار وشجاعة في وجه الإخفاق
المتكرر، ويؤكد ذلك العالم الفرنسي " لويس باستور" ، الذي اكتشف طريقة
حفظ المواد الغذائية من التلف لمدة طويلة بقوله ** دعني أطلعك على السر الذي
أوصلني إلى هدفي ، إن قوتي الوحيدة تكمن في صلابتي و إصراري.
·
يجب كذلك على
الباحث التحلي بذاكرة قوية تعينه على الربط بين الأفكار و المعلومات، و التذكر
الجيد لما كتبه بالأمس ليستطيع الربط بين الأفكار و المعلومات و التذكر الجيد لما
كتبه بالأمس ليستطيع ربطه بما يكتبه اليوم * الاستحضار *
ب-الفائدة المرجوة من البحث :
على الباحث أن يسائل نفسه باستمرار: هل
لهذا البحث الذي أقدم عليه فائدة تذكر ؟
يجب أن يكون للبحث فائدة يسديها للناس أو يقدم حلا
لمشكلة ما .
ويجب أن يكون موضوع البحث حيويا مرتبطا بالواقع ..
ج – الجديد في موضوع البحث
يجب أن يكون موضوع البحث جديدا لم يسبق
معالجته كليا أو جزئيا.
يعتبر من أهم البحوث على الإطلاق ، الذي يساهم في حل
مشكلة علمية، أو فكرية تمس الواقع المعاصر أو المستقبلي للباحث.
د- تحديد موضوع البحث :
في نطاق الرسائل الأكاديمية يجب أن يتناول البحث جانبا
محددا وبشكل مكثف من مختلف النواحي.
فالموضوعات العامة لا تعتبر موضوعات مناسبة للبحث
العلمي.
ه – توفر المراجع لموضوع البحث
يجب على الباحث أن يتأكد من وجود المراجع و المصادر
الكافية لموضوع بحثه حتى يستطيع انجازه على أكمل وجه.
جمع معلومات البحث /
انها الخطوة الأساس في تنفيذ البحث :
هناك عدة طرق للحصول على المعلومات؛
كالاطلاع و القراءة و البحث في المكتبات و استشارة أهل الخبرة، وتدوين الاقتباسات
و الملخصات ، وبناء على هذه الفكرة يجب على الباحث أن يتقن مهارتين أساسيتين :
القراءة السريعة و الكتابة السليمة .
فالأولى تساعد على جمع أكبر عدد ممكن من المعلومات في
وقت وجيز ، و الثانية تساعد على صيانة الأفكار بطريقة سليمة و منظمة .
استطلاع الكتاب قبل قراءته
قراءة الفهرسة و السطور المكتوبة على
ظهر الكتاب، ثم قراءة مقدمة الكتاب لمعرفة الغرض من إصداره والاطلاع على مقدمات
وخواتم كل فصل .
تدوين الاقتباسات و الملخصات
وذلك باستعمال طريقة الملف أو طرقة البطاقات :
1-
طريقة الملف :
تدوين المعلومات في أوراق منفصلة تجمع
داخل ملف، و هذا الملف يحوي المعلومات التي جمعها الباحث و التي تمثل بناء موضوع
البحث و التي تقسمه إلى أبواب وفصول .
كلما حصل الباحث عن معلومات جديدة مفيدة، يضيفها إلى
الجزء الخاص بها داخل هذا الملف . وهكذا يمثل الملف صورة غير نهائية لبحث يبنى نفسه بنفسه .
2-
طريقة
البطاقات : بطاقات متساوية الحجم في حدود 10 / 14 سم، يوجد
داخل كل بطاقة ثلاث أنواع من المعلومات :
·
عنوان الفكرة
التي يشتمل عليها الاقتباس
·
نص الاقتباس
·
مصدره
كتابة وصياغة البحث :
عملية الكتابة ليست مجرد حركة
ميكانيكية نضع فيها بالقلم كلمة بجانب أخرى ، و إنما هي عملية ذهنية أساسا ننقل من
خلالها الأفكار و المعاني من العقل إلى الورق .
تنظيم
عملية الكتابة :
·
التفكير :
إيجاد الأفكار المراد كتابتها عبر عملية الاستحضار
·
الكتابة : نقل الأفكار إلى
الورق مع استعمال " المسودة "
·
المراجعة :
عبر إضافة أو حذف أو تعديل الأفكار
الطالب المتفوق هو دائما كاتب ماهر، يعرف كيف
يجيب عن الأسئلة المطروحة ، أمامه بكتابة
متقنة تنقل بإتقان و اكتمال كل ما يدور في ذهنه إلى ورقة الإجابة في تناسق وتسلسل.
لا تدع الحيرة تستولي عليك أمام أي موضوع، و لا تسأل
نفسك من أين أبدأ ، أكتب أي فكرة ترد ذهنك في المسودة و تأكد من أن باقي الأفكار
ستأتي تباعا .
أقسام البحث :
·
المقدمة :
يجب أن تشمل على ما يلي :
أ) أهمية البحث أو دواعي اختياره
ب) الدراسات السابقة التي تعرضت لنفس الموضوع و أهم
النتائج التي تم التوصل إليها
ج) توضيح مختصر لأبواب البحث
·
صلب الموضوع :
وهو الذي يحمل الفكرة الأساس أو القضية المطروحة ، و يجب أن تتناول هذه القضية
بأسلوب سلس وبنسقية وتدرج الأفكار مع عدم
تضخيم أحد الأبواب على آخر.
·
الخاتمة :
عرض النتائج التي تم التوصل إليها وهي
الانطباع الأخير للقارئ حول موضوع البحث ، مثلما تمثل المقدمة الانطباع الأول .
يقول حاجي خليفة في كشوف الظنون بخصوص ما يجب أن
يتميز به أسلوب كتابة البحث : " هجر اللفظ الغريب و أنواع المجاز ، و حسن
الترتيب ووجازة اللفظ ووضوح الدلالة ، وينبغي أن يكون مسوقا على حسب إدراك أهل
الزمن وبمقتضى ما تدعوهم إليه الحاجة ."
خلاصة:
هذا ملخص وجيز لكتاب " كيف تكتب بحثا ناجحا
" للأستاذ أيمن أبو الروس . أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل مضمون هذا المحتوى
للقارئ الكريم ، تقبلوا تحياتي.
حامل
الجرة / مدينة مكناس .
تعليقات
إرسال تعليق