التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أهمية فترة الخطوبة



الخطوبة؛ هي الصراحة و البساطة و الظهور أمام الطرف الآخر بشخصية حقيقية،  بعيدة عن التمسرحات و التمظهرات التي قد تنكشف حقيقتها في وقت لاحق ، فتحول  بذلك صرح مؤسسة الأسرة العتيدة ؛ من جنة و نعيم إلى جحيم لا يطاق.
إن الخطوبة؛ بمثابة ذلك التخطيط الاستراتيجي على المدى البعيد لا على المدى القريب،  وبناء صرح من التفاهم و التناغم مع الآخر ، ولا شيء يمكنه أن يقوض أساس هذه المرحلة المهمة في حياة كل فرد منا ، غير التمظهر أمام الحبيب (ة) وإخفاء كنه الشخص و حقائقه.

وهناك في واقع الأمر مجموعة من الشباب يستغل هذه المرحلة، للتلاعب بخطيبته كيفما شاء لأسابيع وشهور، وبعدئذ يهجرها بداعي عدم تحقيقهما  لتفاهم أقوى. وعلى الطرف الآخر ( الأنثى في أغلب الأحيان ) في ظل مثل هذه الظروف أن تتبصر و تتصرف بطريقة أكثر فطنة وحكمة . ويبدو أنه ليس هناك أفضل من زواج مشيد من القاعدة ، من طرف صديقين يعرف أحدهما قدر الآخر فتتحول صداقتهما إلى حب ورغبة في التناغم و التعايش و الارتباط !؟
تعلمك مرحلة الخطوبة طرائق التصرف و التحاور مع الآخر ، وتعلمك التفكير الاستراتيجي للمستقبل ؛ إنها نوع من الاستباق الذي تتمثله لحياتك ، لهذا من الأفضل لكل من يهيئ نفسه لدخول قفص الزوجية، أن يأخذ قلما وورقة ويدون فيها كل ما يريده وما لا يريده ، ويعرضه على الطرف الآخر؛  أو أن يختار لنفسه استغلال الخرجات ليبوح كل واحد للآخر بحقيقته إن  كانا حقا يبتغيان من زواجهما الاستقرار النفسي  و المعنوي.
إن الخطوبة في مجتمعنا لها دلالات قيمة لم تستغل إلا ناذرا ؛ إنها دستور الحياة وقانونها الأساسي الذي يوجه سير العلاقات البيزواجية في تناغم وتفاهم دؤوب ومستمر عبر الزمان . وهدفها خلق مؤسسة أسرية  شامخة لا تهتز أمام المتغيرات الموضوعية و الذاتية، وهذا لن يتأتى إلا بتوفر مجموعة من الشروط أهمها :
 الأمان : في علاقتي مع الآخر..
التنوع: تنويع الحياة الزواجية و تفادي الروتين الزواجي في مختلف مظاهر الحياة الزواجية و أبعادها ..
التقدير: تقدير متبادل من طرف الزوجين ، والجهر بمشاعر الحب و المودة وعدم كبتها في الداخل ..
 الحب: و الحب و المحبة الحميمية – الوجدانية؛ حجر الأساس لنجاح و استمرارية نجاح العلاقات الاجتماعية عموما و البيزوجين بصفة خاصة، و هذا الحب يجب أن يكون من الطرفين لا من طرف واحد فقط ..
 التطور: يجب على الطرفين أن يضعا دوما في حسبانهما أنهما سيقعان مستقبلا في أخطاء ؛ لهذا لابد من الاعتدال و تبني شخصية متسامحة و مرنة، لا تلقي دوما العتاب ..و تعمل بشكل خلاق على تجاوز بعض العيوب و تصحيحها إن اقتضت الحكمة ذلك .
 التضحية ؛ و التضحية هنا من أجل نجاح سير العلاقات الأسرية على نحو أنجع و أنجح .


وخلاصة القول ؛  فإن فترة الخطوبة إذا لم تبنى على أساس متين فإن الطلاق أو الجحيم في الحياة الزواجية هي ملاذها ، فالشخص الذي 

لا يقدم نفسه كما هو ؛ هو في واقع الأمر إنسان  جبان يعاني ضعفا في الثقة بالنفس ، ويشبه إلى حد ما ذلك المنتوج الذي يعرض للبيع 

و التسويق  و العرض  ليباع ويشترى؛ لا كشخص له شخصيته وكرامته..




تعليقات

  1. موضوع شيق الطرح وقد ذكرتني بهذه الفترة وأهميتها في تقوية العلاقة بين الطرفين

    ردحذف
  2. ما شاء الله عليك لخصت في بضع كلمات نصف مشاكل وازمات المجتمعات والله يا اخي لسوف يكون لك شان عظيم ان شاء الله وفقك الله

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل