التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشروع التغيير يبدأ من هذه النقطة ...




يحتاج كل غيور على مجتمعنا اليوم- الوقوف بتأمل نقدي ومساءلة حقيقية لذاتنا ولسياقنا العام ككل : من نحن؟ كيف كنا سابقا؟ و كيف حالنا الآن؟  و كيف ستكون أحوالنا غدا ؟ ما موقعنا من خارطة  العالم ؛ اقتصاديا ، اجتماعيا، سياسيا، ثقافيا، علميا، تكنولوجيا، ...؟
يكفي أن تتجول في شوارع المجتمع ، و تطلع على بعض التقارير الدولية حول الفقر و الهشاشة بل و تلاحظ بأم عينيك ؛ المعطلين في الساحات السوداء ينطون و ويهتزون غضبا ضد واقعهم المشئوم، و يكفي أن تطلع على نسبة الأمية والجهل و المستوى السيئ الذي توجد عليه الجامعات و مختلف المدارس العمومية ، و هشاشة المناهج التعليمية ، و هزالة أجور العمال و ظروفهم المختلفة ، و انتشار التسول و الرشوة في مختلف الإدارات و الزبونية و الاستغلال ، و الفساد الأخلاقي المتجسد في انتشار الدعارة بصورة مهولة و كذا  الإجرام ، الاتجار في الممنوعات و غيرها من الظواهر السوداء  القاتمة التي تنخر مجتمعنا ؛ لتكتشف بأن سياقنا كالتالي :
·         أننا على المستوى السياسي؛ نعيش نوعا من الاغتراب الشعبي عن الهم و الغم  السياسي ، وكذا  فقدان الثقة في الأحزاب السياسية التي تعيد إنتاج نفس الخطابات الفاشلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، هذا فضلا عن عزوف شبابي واضح عن المعترك السياسي وحضور محتشم للأكاديمي و المثقف في هذا الحقل بل في مراكز القرار المهمة ...
·         أننا على المستوى الاجتماعي : نعاني من كل قضايا التخلف الاجتماعي كالفقر ، البطالة ، الأمية ، الهشاشة ، الفساد الإداري ؛ الرشوة ، الزبونية، المحسوبية، و الفساد الأخلاقي ؛ انتشار العمل الجنسي، اغتصابات، شذوذ جنسي، ...
·         أننا على المستوى الاقتصادي: نعاني من ارتفاع الهجرة من القرى نحو المدن وما ينجم عن ذلكم من ظواهر الاختلال ، الهجرة السرية نحو الخارج ، هزالة أجور العمال و قساوة ظروف عملهم، تدهور حالة الطلبة ماديا و معنويا ...
·         أننا على المستوى الثقافي : تعرض جسدنا  الاجتماعي - الثقافي لغزو إعلامي – ثقافي رهيب؛  قوض به ما تبقى من أسسه ودعائمه، عبر الأفلام المدبلجة التي كانت تبث مذ  سنين عديدة و بصورة رهيبة على قنواتنا الهدامة ، و كل ذلك لم يعد فقط بالضرر على شبابنا بل على بنيتنا السوسيوثقافية التي فقدت بريقها أمام الميوعة و الانحلال ...
إن سياقنا في كليته ليبدو واضحا للغاية؛  فهو سياق مريض مرضا مزمنا، و طبيبا في أقرب الآجال لتشخيص حالته ومنحه الدواء لتغيير حالته - ؛ لكن ماذا وكيف سنغيره ؟
سؤال في بالغ الأهمية ، غير أن الإجابة عنه ليست مسألة بديهية و إنشائية بسيطة فأنا هنا لا أكتب متقمصا دور الحكيم – صاحب العصا السحرية الذي يملك القوة ليغير ، أو أتقمص دور مفكر بارع يملك بفكره زمام الأمور لإحداث التغيير في سياق مجتمعه .. لكنني أكتب فقط ما أراه من وجهة نظري المتواضعة جدا مساعدا على تحقيق الغاية السوية و مساعدا على النهوض و الاتعتاق بهذه الأمة العليلة ، التي هزتها ديناميكا الفساد الذي ينزل عموديا من الفوق السياسي  إلى التحت الاجتماعي ، فكل ما يعانيه التحت الاجتماعي إنما هو من نتائج سياسة الفوق السياسي، و لتغيير الأوضاع لا بد من  تغيير سياسات * الفوق * اتجاه  * التحت* فكيف السبيل لتحقيق ذلك  يا ترى ؟
ذاك ما سأحاول الإجابة عنه مستقبلا...

تعليقات

  1. يبدو لي جليا الان يا صاحب الجرة بأنك تحمل مشروعا واضح المعالم ، أتمنى لك التوفيق في مشروعك الجديد...

    عبد العالي بنداود

    ردحذف
  2. نقاط مركزة ومهمة تم طرحها هنا بكل إيجابية ووضوح أتمنى لكم التوفيق عزيزي ودمت بخير

    ردحذف
  3. مروركما العطر أسعدني و اطربني كثيرا ، ووقتي هذه الايام عصيب للغاية ، في انتظار أن يتسن لي الوقت الكافي للاضطلاع على جديدك أختي العزيزة كريمة ، لك احتراماتي ومتمنياتني لك بالتوفيق في مسارك الحياتي ...

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل