السات قصر من قصور واحة افركلة الواقعة وسط المغرب أما * أسيف
* فهي كلمة امازيغية وترجمة لكلمة *
الوادي ؛ وقد انتسب هذا الوادي إلى قصر السات لأنه يمر على جانب من أرض هذا القصر ...
وربما قد يتساءل القارئ الكريم عن أهمية هذا المكان في هذا الموضوع بالضبط ، لكنني سأجيب بطريقة انتروبولوجية ؛ لكل مكان مرتادوه و للمكان كما تعلمون أهمية بالغة- ورمزية ثقافية دالة أنتروبولوجيا؛ وواد السات كمكان ، يعني لي شخصيا الشيء الكثير ؛لأنه المكان الذي تعودت منذ طفولتي و إلى يومنا هذا على ارتياده ، بل أعشق ارتياده باستمرار دون كلل أو ملل ، وذلك كلما حط بي الرحال طبعا في مدينتي
الفاضلة .
ففي أيام الصبا كنت أرعى الغنم باستمرار في وادي السات ، إذ عادة ما أفرغ عشيا من دراستي الابتدائية ؛ فأضطر لسرح الغنم في هذا الوادي منفردا ؛ و أحيانا أخرى أرافق بعضا من أصدقائي و خلاني الذين عادة ما أقنعهم بمرافقتي ، ولم يكن بإمكانهم أبدا أن يردوا في وجهي أي طلب ، وخاصة عندما تكون كرة القدم طرفا في موضوع الطلب و الإقناع
، فالكرة بلاغة الإقناع و الإمتاع في ذات الآن ، وعشقنا جميعا للكرة يحفزنا لسرح الغنم في الوادي ، وعادة ما تستهوينا الكرة فيتسلل الغنم إلى إحدى حقول الفصة القريبة من الوادي فنتعرض أحيانا لشتم و سب من طرف فلاحي تلكم الحقول سامحهم الله ، و أحيانا أخرى يتسلل الغنم عن أعيننا فيسبقنا إلى الدار.
أما عندما أرعى الغنم بمفردي؛ إما لانغماس أصدقائي وانهماكهم
في بعض الهموم الأخرى، فعادة ما أحمل معي زادي و المكون عادة من بعض الخبز والماء، إبريقا صغيرا و سكرا... و دفتر رسم و ألوان ؛ حيث كنت أهوى الرسم و قتداك وكم رسمت من الخرفان و النعاج.. وكم حاولت رسم صورة لوالدي ووالدتي في حقل الفصة في
رومانسيتهما العطرة مع المشهد الأخضر يستمتعان بتناول الشاي ، و كم حاولت كذلك رسم صورة لجدتي وهي تغني بصوتها الشجي الناعم الهادئ عن ذكريات طفولتها
وفلسفتها الحياتية ..وكم حاولت رسم شقيقي الأكبر وهو
يقلب الأرض بمحراثه الخشبي دون أن أتمكن من تحديد ملامحهم بطريقة الفنان الحقيقي ؛
إذ عادة ما أرسم أذنين هابطتين و أنفا بثقبتين غير متوازيتين، وعينين كبيرتين
قطريهما يساوي بالتقريب نصف قطر الوجه ..
أما إبريق الحليب فعادة ما يشعرني المشهد
البديع ؛ بجوع شديد فأضطر إلى طلب و استدعاء المعزة السوداء المدللة لحلبها . وعادة
ما تجود علي بكمية كبيرة من الحليب
الصافي – الخالص ؛ فأضع بعضا من السكر في إبريق الحليب و أصنع بصخرتين مسطحتين
وشبه متوازيتين فرانا صغيرا ؛ ثم أضع الإبريق على الفران الصغير؛ وبعد برهة من
الزمن من طهي حليب المعزة، أبحث في الوادي
عن مكان ساحر وجذاب ؛ لأستمتع وحيدا برومانسية الأرض الجديب و ببعض المناظر العشيبة
المتقطعة جنب الوادي و بلذة حليب المعزة السوداء المدللة .
الزمن الخالي من
حياة الجرة
تعليقات
إرسال تعليق