عندما ننظر الى المجتمع الفركلي في كليته ؛ من الزاوية النفسو-اجتماعية، نجده أنه مجتمع متخلف فقد كرامته، هذا التخلف الذي يبرز كهذر لقيمة الإنسان؛ الذي فقد سمته وقيمته وقدسيته، ويتجلى هذا التهميش والتبخيس في التخلف الاجتماعي بعبارة مصطفى حجازي، وفي انتشار الفقر والبطالة وانعدام المرافق العمومية الهامة وكذا انعدام المشاريع التنموية إلى آخره...و بالتالي فالجسم الاجتماعي الفركلي، هو عالم الضرورة و القهر التسلطي؛ هذا القهر الذي يجد أساسه في الاستلاب الطبيعي الذي يتعرض له الإنسان داخل المجتمع الفركلي، كمجال مندثر ومهمش وكثقافة مقموعة ومقصية من السكة.
إن الإنسان القبلي بافركلة الكبرى؛ لم يولد لذاته و لا يعيش حياته لذاته، فهو قد تعرض لغزو المرض، ولسيطرة وهيمنة الأمية والجهل والتخلف الاجتماعي، ولقساوة الظروف الطبيعية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ..كنتيجة حتمية للتهميش الذي طال هذه المناطق طوال حقب وسنين من الزمن،والى يومنا هذا.
فنتيجة لانعدام الأوراش الصغرى والكبرى لإدماج الشباب، وتوفير فرص الشغل القارة لأبناء افركلة الكبرى بالمشاكل والهموم، على اختلاف انتماءاتهم و غنى ثقافاتهم وطقوسهم الاحتفالية والتعبيرية والفنية والإبداعية.. الخ، بين مختلف قبائله المتشكلة أساسا؛ من "الشرفاء" و"الحراطين" و "آيت مرغاد"، وآيت عطا"..الخ.وكذا ندرة المدارس وهشاشة المتوفرة منها؛ إلى جانب الغياب التام لمراكز الإعلام والتواصل والمركبات السوسيورياضية، و السوسيوثقافية.. وكذا الغياب المثير للدهشة و الاستغراب لأبسط مراكز التكوين المهني ...الخ، كل ذلك أثر سلبا على الإنسان الفركلي، وقلص من محدودية رأسماله الثقافي بعبارة بيير بورديو، كما أن كل هذا الفقر المؤسساتي والمادي فالمعنوي الذي أشرت اليه سالفا ..جعل الإنسان الفركلي دائما يبحث عن نفسه: عبر الهجرة ( الحريك) تاركا أغلى الأقارب و الخلان و الأصدقاء، باحثا عن عالم مادي أفضل و أرحب صدرا.
إن هذا الجسم الذي يشكل بالصيغة الجشطابلتية، الكل المنتظم يعاني خصاصا حادا في المادة؛ فبالنسبة للفئة الساحقة من سكان هذا الموطن المنهزم، والمقصي منذ ولادته، من كل حركة تنميبة وتغيير إلى الأفضل؛ فإنها تعاني من المرض والوهن الاجتماعي الأكثر ضراوة بين الأمراض الاجتماعية الأخرى؛ ألا و هو الفقر المدقع، والفقر كما في العلم و العلوم/ الظاهرة المشمأز منها في كل المجتمعات الإنسانية على مر التاريخ و تعاقب الأجيال.
إن المناخ الثقافي السائد بافركلة الكبرى، ينم على كون هذا المجتمع لا يزال يعاني خصاصا ثقافيا؛ لا أتحدث عن الخصاص الثقافي، من حيث هو خصاص في الثقافة الفركلية، بل على العكس من ذلك تماما؛ هو خصاص من حيث صقل والتحليق بثقافة هذا الجسم المريض إلى الأعلى، لأنها ثقافة أقل ما يمكن القول عنها أنها غنية ومتنوعة، وتستحق أن تكتشف أنتروبولوجيا وسوسيولوجيا...لأنها تمثل من وجهة نظري شيكاغو المغرب؛ ليس شيكاغو الصناعة والتجارة والخدمات والبيزنيس..و لكن شيكاغو من حيث هي ثقافة متنوعة ذات بعد أورربي وافريقي و أسيوي.. و المتجسد على سبيل التشبيه؛ في قبائل آيت مرغاد، آيت عطا، الحراطين أو اقبليين: أصحاب البشرة السمراء في الغالب الأعم، وكذا الشرفاء الذين يمثلون الوجود العربي في واحة اتفركلة الكبرى ..تلكم إذن هي ميكانيزمات وخصائص ثقافة المجتمع الفركلي الغنية و المتنوعة والمهمشة في نفس الآن، و التي جعلتني بالفعل أعتبر هذا الجسم المريض فاقدا لماهيته التي يستحقها، وفاقدا لكرامته التي لم يحققها داخل المجتمع المغربي، فإلى متى يا ترى ستتحقق كرامة هذا المجتمع الذي هزته فلسفة التهميش و الإقصاء و( الحكرة )؟ و الى متى سيعاد الاعتبار للإنسان وللثقافة الفركلية التي تتسم بالغنى و التنوع؟
تعليقات
إرسال تعليق