التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كفاكم استهتارا بكرامة المقهورين أيها الوحوش الضارية...


يها
كيف سنحقق أهدافنا و سرداب هذه الحياة مسدود أمامنا؛ فالزبونية والرشوة و التمييز الطبقي، والمحسوبية ، و الفساد الإداري و المالي والسياسي...كلها ظواهر يعج بها هذا المجتمع الفاسد، فكيف السبيل و من أين الطريق ..كيف نحقق أهدافنا في هذه الحياة الهجنة، التي اختلطت فيها الغضاضة بالعيب و الحرام بالحلال ، و اختلطت فيها القيم و التوجهات ..و انعدم فيها التكافل الاجتماعي و الإنصاف و المصالحة، و انعدمت فيه كذلك العدالة و التنمية الفعلية، وأضحت فيه الأصالة منتقاة، والمعاصرة حكرا على الطبقة النبيلة، كيف السبيل ، و من أين الطريق؛ في مجتمع اللاشتراكية و اللاتعاون و اللاتآزر..  و اللاتقدم و انعدام الأخذ بيد الضعيف، و انعدام العدل و الإحسان و المساواة في الحقوق .. كيف سنحقق أهدافنا و النضال مقموع و الحريات الحقيقية مدفونة في القبور، لا اعلم أي تنمية تقام في مجتمع اللاستقلال هذا ؛ و التعليم لا يزال يحتل  أحط الدركات في السكة، لا أعلم هل هناك في العالم حقا تنمية شاملة و مستوى التعليم لا يزال متدنيا إلى هذه الدرجة  المتجهمة و الديجورية التي لا توصف داخل هذا المجتمع الطبقي؛ الذي لا يعترف إلا بالنسب و الانتماء و الرشوة...  لا أعتقد ان المخططات الرخامية و الورقية ستفعل أمانة و ستثمر وردا على أرض الواقع، كما لا أظن أي أمل مستقبلي؛ ما دامت المحسوبية قائمة بذاتها، و ما دامت الزبونية تمثل سمة هذا المجتمع، وما دامت الأحزاب تلهث وراء الربح و المنفعة، لا إيمان لمن لا أمنة له، و لا تنمية لمن لا علم له ... تتجلى  التنمية الحقيقية في نشر الوعي، وفي تنمية الفكر وتنويره، أما الطرقات و تشييد السجون، وإقامة السدود لقطع الطرق، و بناء مركبات دار السلام، و تشييد المساجد و تسييسها في ذات الآن ..فليست تنمية بقدر ما هي إيديولوجيا القمع و كبت التطلعات، و قتل الإرادات المشروعة للشعب، كما أنها مجرد خداع الحواس بالمظاهر المزيفة.
ان التنمية الحقيقية، تكمن في إيجاد حلول ناجعة لمختلف المشاكل التي تعصف بالطبقات السحيقة، و ستعصف بها مستقبلا؛ لأن الجائع و المعطل و الفلاح و العامل و الحرفي التقليدي..لن يستفيد أي شيء من تشييد الطرقات،ومن بناء بيروقراطيات الضبط الاجتماعي، وحتى المنتزهات وصباغة بعض الجدران؛ فهذه الأشياء كلها ليست تنمية، بل هي زيف ومكر وخداع  وتعنيف للكرامة الانسانية، وتلاعب على نفسية الجماهير الشعبية ؛ أيها الوحوش الضارية...

 فكفاكم استهتارا بكرامة المعطلين؛ بكرامة الفقراء و النخبويين المهمشين، وكفاكم حكرا و احتكارا  لمختلف المؤسسات، وكفاكم تجاهلا للمطالب الخبزية للشعب، فالعطالة استفحلت، و المشردون منتشرون في كل البقاع، والزنا التي حرمها الله غزت البيوت والأخضر و اليابس؛ فأضحت تتحول إلى نمط عادي، وسلوك مقبول في ثقافتنا هاته، وهذا هو الخطر الأكبر، كل هذا و ما خفي أعظم، و الفلاح في حقله المغتصب يبكي و ينط من شدة الجوع و الظمأ، و ابنه الموجز المعطل ، يرعى الغنم في مطارح أزبالكم و نفاياتكم ...وابنته المحصنة؛ تستغل جنسيا من طرفكم ومن طرف أبنائكم المكبوتون و الخنثويون، يا أولاد قرادى الخيول- أصحاب الفيلات و التجارة و البيزنيس ...كفاكم  استهتارا بكرامة العمال و الفلاحين و الطبقات السحيقة و المقهورة، وكفانا نحن خمولا وسباتا و انحطاطا ونكوصا، فزمن التراجع و الرهبة و الخوف قد ولى، هذا زمن آخر يحتم بالفعل بزوغ عهد جديد، وبروز مجتمع آخر و بالقوة ؛  مجتمع تنتفي فيه الظواهر والأوبئة المرضية، ويتأسس على الأخلاق و المساواة بين فئات الشعب، فالإنسان كرامة، ومن حقه أن ينعم بالحرية و الديمقراطية و العيش الكريم ..لا أن يتعرض دؤوبا للتعنيف و الترهيب و ايثارة الحوافظ، ولا أن يعيش مدلولا ، فقيرا و غيره ينعم بكل الخيرات و الرفاه؛داخل القصور المشيدة و المجهزة بأغلى الاكسيسوارات.. و الحلي مدفون في القجور، وتحت الوسائد و المخدات و الأسرة السوداء... أليس أدرى أن تفعل المناهج التعليمية، و يجبر كل المواطنين دون تمييز في التعليم، وتمنح لهم كافة الإمكانات اللوجيستيكية؛ لإتمام دراساتهم دون قلاقل و أحزان.. أليس أولى أن تقام ندوات علمية عالمية، أو اتفاقيات معرفية و ثقافية مع الدول الرائدة في العلم و الثقافة، بدل إنشاء موازين / وستوديو دوزيم، وبرامج الطبخ الاستهتارية ؛ والناس في منازلهم جياع، لا يجدون إلا بعض الخبز الأسود الجاف ليقرشوه ويقضموه...ومهرجانات الزنا و الفحشاء و المنكر  و العاهرات ..من طنجة الى الكويرة في الصيف و الشتاء و الخريف .../ ما لكم لا تنطقون أم أنكم  تبصرون و تتجاهلون .

ان أردتم بالفعل القيام بتنمية فعلية؛ فاسمحوا لي أن أقول لكم؛ أن التنمية تأتي و تفعل بالإرادة، و ليس ببايديولوجيا اخماد لهيب منتظر حدوثه ، ان أردتم تنمية فعلية فلتبدأ من المناطق الأفقر متجهة منها إلى الأغنى، فهناك مناطق منعزلة لم يتم بعد تزويدها بالماء و الكهرباء و الطرقات  وهذه حقيقة ، و الحقيقة لا تحتاج لكل هذا الثياب.
أنكم تشرعون في صباغة المدن الكبرى التي يتابعها الإعلام و بكثافة مبالغ فيها، من أجل أن تقولوا للعالم أنكم استثناء فيما يعانيه الجسم الاجتماعي لدول العالم الثالث،  لكنكم في الحقيقة لستم استثناء، ولستم أفضل حالا من الآخرين، بل سياستكم هي الأسوأ لأنها أكثر تمظهرا و أكثر ضبابية و أكثر تمويها ومكرا وخداعا ...
 فلتبدأ التنمية أيها المتوحشون من الجامعات و المدارس، و الأسواق..و لتبدأ من أنفسكم .ان أردتم حقا تنمية وإحداث تغيير في البنية الاجتماعية .
لا أعلم لما كتب علينا ان نعاني هكذا من أنظمتنا الفاسدة، و ان نخضع لكل هذا التعنيف المبالغ فيه أمانة ، لا أعلم لما لا يهب أحدهم لنجدة المستضعف بكل روح صافية بعيدا عن القناع الحزبي ، بعيدا عن لغة كوستاف لوبون و التأثير في الجماهير التي لا تعقل و لا تفقه  شيئا حينما  تجتمع و تحتشد .
لا نريد الزيارات المتكررة لتشيدوا لنا ملاهي ليلية، او أندية ترفيهية أو مسابح في عين المكان، او حتى مساجد ..فكل ذلك سياسة إستراتيجية لكبت التطلعات و الإرادات و اخماد الوعي القومي و الجماهيري، نريد رد الاعتبار للمناطق المهشمة، نريد أوراشا يدمج فيه الشباب المعطل عن العمل.. نريد أن ينعم الفقير بالاحترام و المودة و الحب و الكرامة، نريد أن نصل إلى عصر النهضة و التنوير..نريد ان نحدث حداثة مغربية ، و ليس خداع الناس بالمظاهر المزيفة؛ و كل ذلك لن يتأتى و لهيب الأمية لم يخمد بعد؛ بل ظل يزحف نحو المناطق الفقيرة و الأفقر..نريد تقسيما جهويا مدروسا يستأصل الفقر والأوبئة الاجتماعية ...وذلك  من طرف الشعب ومن طرف المثقفين الأكاديميين و طلبة العلم و الأدب، و ليس من طرف الأحزاب السياسية ، أو من طرف وجوه ثرية لا تنظر البتة إلى الأرض...لا تلتفت إلى " التحت".

تعليقات

  1. عجبا لأمر هدا البلد كل شيء اضحى فيه مستباح ، فلا تعليم و لا تكوين ، لا حرية و لا تنمية .. و وحدهم المفسديين هم الدين ينعموون في ظله، فالمهرجانات متتابعة على مر الفصول و بائعات الهوى في كل مكان و زمان ...... و لعل ما يزعجني اكثر هو التعدد السلبي للفصائل الطلابية و تيهان الطالب الفقير في صفوفها

    ردحذف
  2. ان ما قلته يا صديقي واقع ويعرفه الكل، ورغم الامية فان المجتمع واع بما يحدث، ويبقى ان نتسائل هل بالفعل ان المغاربة ينتظرون التغيير الموعود بقناعات وطمأنينة؟ ام انهم يعرفون مسبقا ان لا شيء سيكون؟....بعدها يقضي القدر يما شاء.اسئلة تحير الشارع ، ما جعله في مد وجزر وسكون وغضب..فالانتظار على كل حال عامل من عوامل التأجيج..........

    ردحذف
  3. ان السياسةالمتبعة في البلاد هي سياسة ماكيفلي " جوع كلبك اتبعك " و الواعي المتثقف يدرك هدا جيدا و كم من المؤسف تواجد مثقفون يتحاشون التغيير لا لشيء إلا لأنهم جبناء ,,,,, احيك رفقيقي حامل الجرة شكرا لك على نظالك هدا و صدقني ان قلت لك اني من معجبي مدونتك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل