بقلم سمير الساعدي -saidi.samir89@gmail.com
نظمت جمعية إرشاد للتربية والتنمية بشراكة مع جمعية ابن
طفيل للتنمية والثقافة يومه 24 – 05- 2016
بالقاعة الكبرى بالمجلس البلدي لمدينة القنيطرة يوما دراسيا شارك فيه أساتذة
جامعيون وفاعلون جمعويون فطلبة باحثون، وتناول موضوعها "الأسرة وتغير منظومة
القيم" بحيث سلطت المداخلات الضوء على مجموعة من التحولات التي يشهدها
المجتمع المغربي والتي مست جانبا من القيم داخل الأسرة المغربية، بحيث أضحت هذه
الأخيرة غير قادرة لوحدها على مسايرة مسار التنشئة الإجتماعية بسبب مجموعة من
التحولات التي تشهدها البلاد، بما فيها الثورة المعلوماتية التي تؤثر بدورها في
عملية التطبيع الإجتماعي للطفل.
وتناول اليوم الدراسي محاور أساسية وهي؛
-
سؤال القيم بين الكوني والمحلي
-
التحولات الأسرية في المجتمع المغربي في الوضعية الراهنة
-
الأسرة المغربية والتحولات القيمية
وكان من بين الأهداف المتوخاة من هذا اليوم الدراسي كما صرحت بذلك اللجنة
المنظمة ما يلي:
-
معرفة الإتجاهات القيمية داخل الأسرة فالمجتمع المغربي
-
تحديد مجالات تحسين الوضع الأسري الراهن في ظل التغيرات
السوسيواقتصادية
-
اقتراح بدائل فعالة للنهوض بأوضاع الأسرة على المستوى
الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والتوعوي
وبخصوص برنامج اليوم الدراسي فقد كان غنيا بالمداخلات
وكان السيد عبد الله أبو إياد عن المعهد الملكي لتكوين الأطر بالرباط كرئيس للجلسة
هو من افتتحها بكلمات مختصرة لم يخفي في ثناياها سعادته البالغة من تنظيم هذه
المبادرات وأمله باستمرارها في ظل حاجة المجتمع المغربي إلى فكر توعوي خاصة في
مجال القيم والأسرة.
المداخلة الاولى: د. عبد الرحيم عنبي عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية –أكادير- تناول
موضوع خصبا في مجال الدراسات السوسيولوجيا بعنوان : الأشكال الجديدة للأسرة
المغربية " الأسرة عبر حدودية نموذجا" وجاء متن هذا الموضوع غنيا
بالأفكار والمعارف وقدم المتدخل تعريفا للأسرة عبر حدودية[1]
كموضوع لسوسيولوجيا الحدود ذات الإهتمام بموضوع
الهجرات تحديدا، فالحدود هنا تعبير عن حدود مجالية لذلك نكون أمام عائلة أفرادها
يعيشون بشكل متباعد، لتصبح مهمة عالم الإجتماع هو البحث عن تأثير التباعد المجالي
بين أفراد الأسرة. وتقدم المتدخل بطرح جملة من الأسئلة أهمها؛ كيف تؤثر الأسرة عبر حدودية على القيم وعلى
الواجبات الأسرية ؟ وكيف تؤثر أيضا على العلاقات الحميمية ؟
من بين النتائج التي توصل إليها عبد الرحيم عنبي في مداخلته ما يلي؛
-
عندما "يتباعد أفراد" الأسرة بفعل الهجرة، يصبح
التضامن بين أفرادها أقوى،
-
إن الإحساس بالهوية يتقوى بالهجرة أو كما قالت فاطمة
المرنيسي "إذا أردت أن تعرف نفسك عليك أن تخترق الحدود"
-
يصعب على المهاجر الاندماج بسرعة مع الثقافة المستقبلة
لأنه يحمل في داخله قيم ثقافته الأصلية،
-
السلطة في الأسرة تكون في يد من يمتلك المال،
-
إن الأسر عبر حدودية تعيد إنتاج التضامن الأسري عبر
وسائط الاتصال الحديثة، فهذه الأخيرة تعوض الغياب الفيزيائي بما هو رمزي
"المهاتفة مثالا"،
المداخلة الثانية؛ ط.ب محمد كركوب؛ عن كلية الآداب
والعلوم الإنسانية –القنيطرة- الوضعية السوسيوثقافية للقيم في الأسرة المغربية
"العِـــرض والشرف أنموذجا.
وانطلق المتدخل من مفهوم الشرف وعلاقته بالقيم، بحيث يصبح الشرف قيمة
أساسية في المجتمع المغربي خاصة في المجالات القروية والواحية، وأشار المتدخل إلى
حضور قيمة الشرف بقوة في ثلاث جوانب وهي: الأرض، المرأة والمنزل، ويبدو أنه استوحى
أفكاره من رايمون جاموس صاحب كتاب "العرض والبركة" بحيث خصص حصة كبيرة
لتحليل مفهوم العرض والشرف ثم دلالات الجسد الأنثوي وتركيز المجتمعات العربية عليه
في قضايا الشرف. وختم المتدخل مداخلته بأفكار هامة منها؛
-
إن العرض والشرف يشكلان هاجسا اجتماعيا في المجتمعات
القبلية،
-
إن التنشئة الاجتماعية في المجالات القبلية خاصة؛ تعلم
الفتاة الخوف على أعضائها التناسلية،
-
إن الحفاظ على قيمة الشرف - كمفهوم لصيق بالمرأة خاصة-
هو حفاظ على سمعة العائلة،
-
إن المنزل، الأرض والزوجة تدخل بتعبير رايمون جاموس في
نطاق المحظور domaine de
l’interdit ، أي ما لا
يجب أبدا المساس بحرمته "فالراجل كيموت على بلادو وعلى ولادو= مثل
شعبي"
-
إن فقدان الشرف يعني فقدان قيمة الانتماء إلى الجماعة المرجعية
لذلك تحرص العائلة على شرف أبنائها خاصة الإناث منها
المداخلة الثالثة: ط.ب رضوان العماري؛ عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق – الدار
البيضاء؛ القيم في المأثورات الشعبية المغربية، تحدث المتدخل عن الأسرة
اليهودية وما لها من دور في تبليغ القيم، كما استعرض جانبا من الأمثال الشعبية
ليهود المغرب واعتمد في تحليلها على حد قوله على المنهج الموضوعاتي ومن بين
الأمثال التي جيء بها ما يلي؛
-
"الفياق بكري بالذهب مشري"؛ وهو مثل يتداوله
العرب والأمازيغ على حد سواء، وقيمته تتجلى في أهمية الوقت (الزمن) بحيث شبه
بالمعدن الثمين (الذهب)، كما أن قيمته تتجلى في أهمية الإبكار للعمل. فقيمة الزمن
يعرفها التاجر اليهودي كما يعرف قيمة الذهب
-
"للي تقلب تزرع" جاء في سفر
المزامير أن من يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج، ويقال في حق كل من عانى من أجل
هدف محدد، فالمعاناة أساس النجاح
-
"ثلاثة في الدنيا مافيهوم أمان
الواد، والمخزن، والزمان " هذا المثل
يشرح التصور الذهني لدى المغربي اليهودي، خصوصا وأن اليهود كانوا يعيشون منعزلين
في ما يسمى الملاحات
-
"لا تآمن لا تستآمن حتى في بلاد
الأمان" ومنه أهمية الحيطة والحذر في الثقافة اليهودية وعدم إيمانها الأعمى
بتقلبات الآخر
-
" "حيط الرمل لا تبنيه لا تهز ساسه
ولد الناس يكبر ويمشي لناسو" لا تبني
أي أمل في ابن ليس من صلبك لأنه ذات يوم سيتنكر لك
-
"الصمت حكمة ومنو يتفرقوا
الحكايم" فالثرثرة مذمومة في الثقافة
اليهودية المغربية
-
"إمتا جاك الربح يا اليهودي؛ قالوا ليلة
السبت يا سيدي" فيوم السبت مقدس لدى اليهود وقداسته أساس الرزق والربح
-
"لا تيق باليهودي إلا سلم حتى إلى بقى
40 عام" فاليهودي متمسك بثقافته وديانته ويصعب عليه اعتناق ديانة أخرى خصوصا
الإسلام،
المداخلة الرابعة؛ كانت مخصصة ل د. محمد المرجان عن كلية
الآداب والعلوم الإنسانية –القنيطرة- معنونة ب " الأسرة والقيم: التوافق
الصعب" إلا أن حدث وفاة ألمت بأحد أفراد عائلته منعته من الحضور، لذلك انتقل
بنا منسق اليوم الدراسي إلى مناقشة المداخلات السابقة والتي شهدت أزيد من 20 تدخلا
من طرف طلبة الدكتوراه والماستر خاصة، فكان النقاش في عموميته غنيا فعكس نجاح هذا
اليوم الدراسي.
صور الندوة:
[1] مصطلح
حدودية هنا يحيل إلى ما هو مجرد إذ يعبر عن التباعد المجالي بين أفراد
الأسرة أو حتى التباعد الإثني واللغوي والديني والعرقي.. لكن الأستاذ في مداخلته
ركز على التباعد المجالي بين أفراد الأسرة أي حينما يكون هناك طرف أو أكثر مهاجرا
إلى خارج الحدود الوطنية كهجرة الزوج مثلا إلى ألمانيا، أو هجرة الزوجة إلى
إسبانيا .. ولقد حاول الأستاذ دراسة مجموعة من المتغيرات لكل حالة ؛ أي حينما يكون
الطرف المهاجر مثلا زوجة، أخت، أو كان زوجا، او أخا، أو أبا .. فكل حالة تشكل
متغيرا يؤثر على وضع الأسرة .
تعليقات
إرسال تعليق