التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلسلة الطبع الصحراوي - سمراء الجنوب



زارني قبل أسبوعين صديق من مدينة "وجدة" فوجدني في حالة سيكولوجية نشيطة بفضل دنو آجال مجموعة من الأعراس والأفراح التي عادة ما تشعرنا طقوسها بالغبطة والنشوة، لم يكن بإمكاني أن أحضر حفل زفاف في إحدى قصور "واحة غريس" بدونه، وقد أقنعته بسهولة بضرورة مرافقتي لحضور الحفل الكبير والتعرف عن كثب على تقاليد وعادات أهل المنطقة في الاعداد والاحتفال بالأعراس، وما أن حللنا غريس حتى قوبلنا بترحاب كبير من طرف عدد من افراد المنطقة، أخذنا قسطا من الراحة وبعدها خرجنا إلى ساحة الاحتفال للمشاهدة والتتبع، وطبعا أعجب الصديق الوجدي أيما إعجاب بطقوس الزواج وتقاليدها كما أعجب أكثر على حد تعبيره بعيون الفتيات السمراوات ؟!
لم أكن في البداية على علم بأن من بين أسباب زيارة الصديق الوجدي لمناطقنا رغبته الزواج من فتاة جنوبية الأصول (صحراوية) بالنظر لأفكاره الإيجابية التي حملها اتجاه بنات هذه المناطق من قبل بعض أصدقائه المتزوجين ، لكنه بعد أن أخبرني برغبته بالاقتران من فتاة من مناطقنا سعدت لذلك وأيقنت أن سمعة مناطقنا لا تزال بخير، فكان ذلك الاحساس سببا جعلني أقبل فكرة مساعدته على إيجاد فتاة مناسبة له، خصوصا وأنه شاب مستقيم يبحث لنفسه عن الاستقرار.
لم أفكر مطلقا في إمكانية أن يعجب هذا الصديق بالفتيات السمراوات، لأن العادة أكسبت الانسان الواحي أن ينظر إلى أمور الزواج من منظور خاص؛ حيث يصبح الأسمر للسمراء والأبيض للبيضاء، لكن هذه القاعدة العرفية حطمتها رغبة صديقنا الذي فاجئني عندما قال لي بالحرف الواحد؛ إنني يا صديقي معجب بالفتيات السمراوات وبعيونهن البنية، وإني لأرجوا أن أقترن بسمراء وأعيش معها ما تبقى من عمري..؟!
بعد أن تأكدت من رغبته وميولاته، خططت لمقابلته بإحدى حسناوات قصرنا، كان الأمر سهلا للغاية فمعرفتي بالفتاة السمراء كبيرة وثقتها بشخصي أكبر؛ كما أن معرفتي بالشاب الوجدي أيضا قوية وهو كما عرفته شاب بخصال محمودة يتمناها أي شخص، كما انه في غاية الوسامة والقوة، مفعم بروح الشباب (...) تقدمت إلى السمراء الجميلة مستغلا حضورنا حفل زفاف لأستشيرها في أمر مقابلة الفتى الأبيض، وقد أقنعتها بذلك وجهزت لهما مكانا لائقا ليتكلما فيه ويتعارفا على بعض، وما أن انهيا لقاءهما حتى جدد لي الوجدي إعجابه بالسمراء مبديا لي سعادته الغامرة لطريقتها في الكلام وبشخصيتها وحشمتها، وأكثر من ذلك بسحر عيونها البنية؛ وقدم لي وعدا باستعداده لإتمام إجراءات الخطبة إن هي اقتنعت به وآمنت برغبته.
لم يكن استعداد السمراء للزواج من الأبيض الوجدي كبيرا، فقد خشيت من فشل هذا الزواج، لأنها ببساطة لم ترى حالات ناجحة في محيطها الواحي. وإن كانت هناك حالات لهذا الزواج والتي توجت بالنجاح فبين رجال سمر بنساء بيض وليس العكس، لذلك قررت الحسناء السمراء بعد تفكير أن تمنع إقامة علاقة مع الفتى الأبيض، ولم يكن لهذا الرفض أن يتم لولا شئين؛ أولهما لو أن لون بشرة المتقدم كانت سمراء لا بيضاء، ولو أن الحسناء تشربت ثقافة الواحة وتأثرت بأفكار محيطها الجامد..
كان صعبا على الفتى الوجدي أن يتقبل رد الحسناء السمراء ذات العيون البنية ، وبعد حديث مطول جرى بيننا في احدى المقاهي الشعبية في الواحة، أخبرته بأن يبحث عن نموذج آخر وأكدت له أن الواحة تغص بالجمال الأسمر، وعبرت له عن استعدادي لأخذه للواحات المجاورة إن لم يجد في واحتي مراده.. بعد أيام قليلة لمحت عيناه سمراء جديدة في غاية الحسن، تقدم إليها مبديا رغبته في التعارف بها، مبديا لها صفاء نيته،  لكن الفتاة عبرت له عن عدم إيمانها بنجاح علاقتهما أو حتى زواجهما إن هو تم.. وهكذا كلما تقدم صديقنا إلى أخرى إلا وتلت عليه نفس المخاوف؛ فشعر الوجدي بضيق شديد وأدرك أن محاولاته الدؤوبة لإيجاد فتاة سمراء في الواحة أمر صعب الحدوث، كما أني اكتشفت عنه فيما بعد أنه أحب الفتاة السمراء الأولى بكل جوارحه لكن رغبته الملحاحة لطلب الفتاة اصطدم في النهاية برد فعلها السلبي، وهو ما انتهى بصديقنا للعودة لمدينة وجدة بقلب محطم. وبحلم مجهض في أن يحظى بفتاة واحية سمراء بعيون بنية ساحرة وأخلاق عظيمة



























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل