التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المجتمع المدني ، الحكامة، الديمقراطية، أية علاقات ؟

بعد اطلاعي على مجموعة من المواضيع ذات الصلة الوثيقة  بالحكامة ، المجتمع المدني ، الديمقراطية ، المقاربة التشاركية ..الخ ، جاءتني فكرة اختيار ملف للاشتغال البيبليوغرافي  على هذا الموضوع ( المجتمع المدني ، الحكامة، الديمقراطية، أية علاقات ؟ ) وذلك لما  يزخربه من مفاهيم هي في العمق حجر الزاوية في الخطابين السياسي و الأكاديمي بخاصة .

ويمثل هذا الموضوع بالضبط و الذي ما هو في العمق إلا   تساؤل عريض نابع عن قلق سوسيولوجي يحاول اعتمادا على بعض الأعمال النظرية التي تناولت الموضوع من جوانب متعددة؛ أن يكشaف أولا وقبل كل شيء؛ عن حقيقة وواقع المجتمع المدني في ظل سياقنا الاجتماعي الآني ، ويكشف علاقته  بمفاهيم تشكل حجر الأساس في الخطاب السياسي الحديث وذلك من قبيل : الحكامة ، اللامركزية ، المقاربة التشاركية ، الديمقراطية ، والمواطنة وغيرها من مفاهيم ..
من هنا جاءت فكرة طرح إشكالية هذا العمل النظري المتواضع على النحو التالي :
 ما مفهوم المجتمع المدني عموما وما واقعه العام في ظل السياق الاجتماعي المغربي ؟
ما دور الحكامة الرشيدة في تطوير المجتمع المدني أداء ووظيفة ؟
ما مفهوم الديمقراطية في المجتمع النيوليبرالي و أية علاقة بينها وبين مفهوم المجتمع المدني ؟
و أخيرا وليس آخرا كيف تساهم أنشطة المجتمع المدني في تنجيع السياسة الحضرية ؟
تلكم إذن هي الإشكالية التي سنفتتح بها هذا العمل المتواضع و الذي نتمنى أن نوفق فيه بتقديم صياغة نظرية لموضوع شائك كما سنرى فيما بعد ، وكذا التوفيق في التنسيق بين المفاهيم التي قلنا عنها سالفا بأنها تمثل بلا أدنى ريب حجر الزاوية في الخطاب السياسي الحديث لما لها من قيمة تهم الإنسان- المواطن l'homme-citoyen، وتهم مفاهيم الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان و الحريات العامة و المبادرات ومختلف الأنشطة الاجتماعية و الثقافية التي تعكس صورة الإنسان المواطن ،وصورة الدولة الديمقراطية بمفهومها الحديث.
أولا : المجتمع المدني النشأة و التطور
إن محاولة تتبع مسار تطور مفهوم المجتمع المدني ليكشف بالضرورة عن كون تطوراته عبر الزمان و المكان لا تنفك تنفصل عن مجمل التحولات و تغير الشروط المجتمعية المتحكمة في دينامكية المفهوم وغيرها من المفاهيم الموازية له ( خاصة مفهوم الديمقراطية )، ولعل محاولة التأصيل  للمفهوم ليكشف أنه يوناني الأصل حسب بعض الدارسين ؛ إذ نجد أرسطو (نموذجا) يعني بالمجتمع المدني الدولة نفسها ، فهو في نظره ذلك المجتمع الذي يحكمه دستور سياسي و بالتالي فهو نقيض مجتمع قبائل [1]، أما القديس أوغسطين فيرمز للمجتمع المدني بالمجتمع الأرضي ؛ ويختص بضبط العلاقات الاجتماعية  بين بني الإنسان على أديم الأرض ويقابله مجتمع الإله société de Dieu  .
وإذا كان مضمون المجتمع المدني قد اتسم لدى هؤلاء القدامى بهذا الشكل من الوصف نظرا للسياق العام الذي عاشوا فيه ، فان مفهوم المجتمع المدني قد تبلور في سياق نظرية العقد الاجتماعي فيما يقابل المجتمع السياسي [2]
فالغاية من اتحاد الناس في المجتمع المدني الى جانب تحقيق الأمن و السلام حسب جون لوك هي المحافظة على ممتلكات الأفراد.
أما جون جاك روسو فقد دعا الى عقد اجتماعي بين الأفراد داخل المجتمع لتنظيم حياة الناس الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
وعلى خلاف لوك يعتقد توماس هوبس بأن الدولة وحدها قادرة على ضبط السلوك ومنع الفوضى في المجتمع وحماية أمن الناس وسلامتهم وممتلكاتهم.
أما فريديريغ هيغل في كتابه الشهير * فلسفة الحق  * فقد انتقد نظرية العقد الاجتماعي واعتبر بأن المجتمع المدني قاصر في صيغته التعاقدية عن تحقيق الأمن ، وذهب الى أن الدولة هي العقل القادر على حماية الحرية .
ومع هيغل نجد أن المجتمع المدني يتموقع في الفروق الموجود بين الأسرة و الدولة ، فتكونه يأتي في مرحلة لاحقة عن الدولة التي تسبقه كواقع مستقل، كما أن اعتماد الأشخاص المستقلين كل منهم على الآخر هو جوهر ما يسميه هيغل المجتمع المدني [3] .
ويعتقد هيغل بأن هناك علاقة مركبة بين الدولة و المجتمع المدني ، فالمجتمع المدني هو مجال لتقسيم العمل وإشباع الحاجات المادية، وهو مجال تنافس الحاجات الخاصة و المتعارضة ، أما الدولة فهي النظام السياسي القادر على صيانة مصالح المجتمع المدني .
إن هيغل لم يفرق بين المجتمع السياسي – الدولة والمجتمع المدني : فالأول يمثل الإرادة العامة، في حين أن الثاني يمثل الإرادة الخاصة حيث يعبر عن مصالح الأفراد .
وإذا انتقلنا إلى  صاحب كتاب الرأسمال ، فإننا نجده  من موقعه ينظر إلى المجتمع المدني كجزء من البنية التحتية . حيث يعتبر من وجهة نظره ؛ ركيزة أساسية وواقعية ( وهذا ما يفسر انتقاده الشديد للدولة البونابارتية التي تلغي المجتمع المدني وتهيمن عليه)، لكنه في نفس الآن  مجال للصراع الطبقي ، بناء عليه يصبح المجتمع المدني حسب كارل ماركس ، بمثابة تلك الذات المتطورة عبر التاريخ ، و التي تفعل فعلها وتؤثر في شكل الدولة ونظامها[4].
ومع المفكر الايطالي الشهير غرامشي ، سيتحول مفهوم المجتمع المدني الى جزء من البنية الفوقية عن طريق الثقافة و الإيديولوجية و السيطرة ؛ كيف ذلك ؟
 مع غرامشي لم يعد يتم الحديث عن المجتمع المدني كفضاء للتنافس الاقتصادي –الصراع الطبقي ، كما دهب الى ذلك كارل ماركس؛ بل هو فضاء للتنافس الإيديولوجي؛ من أجل الهيمنة عن طريق الثقافة و الايدولوجيا ، أما وظيفة المجتمع السياسي في نظره فهي السيطرة و الإكراه.
إن المجتمع المدني إذن عند غرامشي هو كل المؤسسات التي تتيح للأفراد الحصول على الخيرات و المنافع العامة ، دون تدخل أو توسط الحكومة، وهو النسق السياسي المتطور الذي يتيح صيرورة تماسسه مراقبة المشاركة السياسية .
وإذا انتقلنا إلى المفكر المغربي : عبد السلام الموذن في كتابه * الدولة المغربية ، قضايا الديمقراطية ، القومية و الاشتراكية* سنجد أن المجتمع المدني هو الذي يحدد الدولة ، وجدير بالذكر بأن الموذن قد  تجاوز علاقة التفاعل المتبادلة بين المفهومين- المجتمع المدني/الدولة ؛ ليقول بخلاصة مفادها أن المجتمع المدني ليس شيئا قائم الذات .
فالمجتمع المدني عند عبد السلام الموذن هو الجسم الذي يقفز من جسمه الأصلي – المدني الى جسمه الآخر – السياسي ، وعبر عملية القفز تلك يتوحد المدني بالسياسي. كما أن الدولة السياسية ليست دولة سياسية وكفى، بل هي في نفس الوقت مجتمع مدني ، لأنها بمثابة المرآة التي بواسطتها ينعكس الجسم المدني في الجسم السياسي.
ما الذي استفدناه من هذه السيرورة التاريخية لتطور مفهوم المجتمع المدني؟
نستحضر قولة رائعة  للاستاد الكريم * محمد جحاح * في إحدى محاضراته إذ يقول :  * السوسيولوجيا تمشي بعجلتين ؛ التاريخ والقانون *
 فمن خلال العودة للسياق التاريخي لمفهوم المجتمع المدني استنتجنا ما يلي:
·       أنه نتاج للتطور الرأسمالي في المجتمعات الغربية.
·   أنه ارتبط بالتحولات السياسية و الاجتماعية وكذا الاقتصادية التي أنهت النظام الإقطاعي ودولته المستندة الى الحق الإلهي وهيمنة الاكليروس ، وهذا ما تم استنتاجه مع فلاسفة العقد الاجتماعي  في تصوراتهم المضادة لسلطة الدولة الغول – جون لوك وجون جاك روسو .
·   أن المجتمع المدني وفق هذه الخلاصات الأساسية جاء ليعبر عن دولة الحق و المؤسسات الحرة ،والمستقلة  عن استبداد وتسلط الدولة
·   أنه يمكن القول بان تطور المجتمع المدني قد ارتبط بالتطور الحاصل في مفهوم الدولة نفسها في الفكر السياسي الغربي ، حيث برزت كما قال فؤاد عبد الجليل الصلاحي ؛ نظرة جديدة لنظام سياسي جديد تبتعد عن النظرة العمودية التي يكون ترتيب الناس فيها وفقا لمراتب  محددة وجامدة ، الى نظرة يكون الناس فيها متساوين سياسيا واجتماعيا، تنظمهم سلطة مدنية تبتعد عن سلطة الكنيسة [5]
·    بناء على كل ما سبق يمكن القول بان تاريخ المجتمع المدني هو تاريخ تحولاته ودلالاته منذ تشكله اللاتيني.
المجتمع المدني في ظل السياق الاجتماعي العربي عموما و المغربي خصوصا :
لم يتم تناول المجتمع المدني في الخطاب السياسي العربي إلا حديثا حسب *فؤاد عبد الجليل * وارتبط بالمحاولات الخجولة و الحذرة في التحول نحو الديمقراطية .
ويشير برهان غليون * في هذا الإطار إلى مصادر ثلاثة لعدم تحديد مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي العربي المعاصر ؛ تتضمن في مجملها وضع مقابلة ضدية لمفهوم المجتمع المدني مع المجتمع الأهلي ومع السلطة و الدولة ، باعتباره تمثيلا للشأن الخاص مقابل الشأن العام .
بناء  عليه يصبح من غير المعقول استخدام المجتمع المدني في السياق و الواقع العربي حرفيا ، لهذا من الضروري حسب فؤاد عبد الجليل الصلاحي تبيئة هذا المفهوم أو استنباته عربيا.
يجب إذن تحديد معطيات المفهوم  وفقا لسياقه العام الجديد ، وبخاصة و أن الدول العربية لا تزال خاضعة للتركيبة الاجتماعية ذات الطابع القبلي . فمن الواضح حسب فؤاد الصلاحي بأن تحديد المجتمع المدني يرتبط ببعدين أساسين في السياق العربي :
·       اقترانه بالمتغيرات الدولية الإقليمية ، خاصة في مجال الديمقراطية وإقرار التعددية الحزبية
·   استخدامه من طرف المثقفين و الباحثين العرب الذين مازالوا يعانون في نظر الدكتور * الصلاحي * ضبابية في إدراك هذا المفهوم بكل دلالاته ، خاصة و أن اهتمامهم به يعتبر اهتماما طارئا ولم ينبثق من صميم المجتمعات العربية ؛ إذ أن تاريخ هذه المجتمعات يتميز بغياب وجود مجتمع مدني؛ لافتقاد هذا المجتمع عبر تاريخه لمدن مستقلة وافتقاده لبيروقراطيات رشيدة واستقلالية قانونية، ومجموعة أخرى من الحقوق ...
وفي هذا الصدد يقرر* براين تيرنر *  بأن فكرة  المجتمع المدني هي نقطة التقابل أو التضاد بين المجتمع الشرقي و المجتمع الغربي ؛ فالمجتمع المدني يقابل الدولة – المجتمع السياسي ، التي هي مجال القوة و الإكراه السياسي ، وحينما يكون المجتمع المدني أقل تطورا بالنسبة  للدولة أو غائبا ، يكون الإكراه السياسي للأفراد هو أساس حكم الدولة بدلا من التوافق و التلاؤم .
ربما هذا ما دفع * فيتفوجل * للقول ؛ بأن غياب المجتمع المدني في المجتمع الشرقي كان أساسا للسلطة  الكلية المستبدة [6]
بناء على هذا التحليل السوسيولوجي للدكتور فؤاد صلاحي من الضروري أن نتساءل كما تساءل قبل ذلك د. سمير بلمليح ؛ هل لدينــــــــــا مجتمـــــع مدنــــــــــي ؟
لعل من بين أهم شروط قيام مجتمع مدني حسب سمير بلمليح هو استقلاليته عن الجهاز الحكومي وعن كافة أجهزة الدولة [7]، فالمجتمع المدني حسب بلمليح في سياقنا الاجتماعي المغربي حاضر بكثافة على مستوى التداول و الخطاب ، لكنه غائب على مستوى المضمون والممارسة ، ويتجلى ذلك في طبيعة العلاقة القائمة بين الدولة وباقي الأنظمة و المنظمات غير الحكومية من قبيل :
·       المراقبة الصارمة من طرف أجهزة الدولة الأمنية لكافة تحركات المجتمع .
·       رفض الدولة لأي نقد موضوعي لسياستها وتوجهاتها العامة .
·       تضييق الخناق على عديد الجمعيات
·       منع الكثير من التجمعات و المظاهرات
·       رفض الترخيص القانوني لبعض الجمعيات
إن الدولة حسب بلمليح بالمغرب لا تمانع من حيث المبدأ في تأسيس الهيئات و المنظمات غير الحكومية، مادامت القوانين تتيح ذلك ، غير أنه من الواضح أن المعايير المتبناة في التعامل مع الجمعيات تضل متباينة بتباين طبيعة تركيبة كل جمعية ونوعية أنشطتها  وأهدافها المعلنة ، و أيضا بحسب موقفها من السياسات الرسمية المتعلقة بمجال اهتمام الجمعية.
فالهيئات التي تبدي انضباطا كليا مع تكتيك وسياسة الدولة ، ستحظى بقبول من طرف الجهات الرسمية ، أما الجمعيات التي يظهر  أن لها مواقف نقدية صريحة بشأن طبيعة التدبير الرسمي للملفات و القضايا التي تتدخل في صلب اهتماماتها فإنها في الغالب الأعم ما تكون عرضة لشتى أنواع التضييق و التنكيل والمنع.
 فغياب مبدأ الاستقلالية كشرط حاسم لقيام مجتمع مدني كآلية للرصد و التتبع و الضغط على الدولة هو السبب الذي جعل سمير بلمليح يقر بأن الحديث عن المجتمع المدني في ظل غياب دولة الحق هو تضخيم لفظ وخطاب موجود بحق على مستوى الشكل لا المضمون و الممارسة .[8]
لعل هذا التشخيص النظري المتواضع لواقع المجتمع المدني في مجتمعنا ليكشف عن وجود مضطرب ومعتل في ظل سياقنا الآني  لهذا المفهوم ، فعدم استقلاليته عن امن الدولة يحد من أهدافه وفاعليته، كما أن ضعف إمكانيات عدد هائل من هذه الجمعيات قد أعلن عن تعرضها للضربة القاضية منذ ولادتها ؛ لأن مشكلة التمويل كما عبر عن ذلك الدكتور ديدي ولد السالك ، سواء من الداخل أو الخارج يعني تكييف أهداف منظمة المجتمع المدني ، مع أهداف الجماعات التي تمولها.[9]
فطبيعة الأنظمة غير الديمقراطية التي نعيش في كنفها تضيق درعا بمنظمات المجتمع المدني عبر الرقابة الأمنية – واحتواء أهدافها، وتوجيهها و التحكم في توجهاتها.
إن الرهان اليوم وبعد أن كشف هذا المسار النظري لهذا العمل المتواضع عن أزمة موضوعية لمجتمعنا المدني هو الغوص أكثر في صميم هذه الإشكالية العويصة التي خفتت بريق فاعل مفترض و مؤمل أن تكون فاعليته كبيرة على مستويات عديدة : اقتصاديا ، اجتماعيا، ثقافيا ، سياسيا ..لكن عدم استقلاليته الفعلية عن سلطة الدولة و محدودية إمكانياته المادية ...حال دون تحقيق الرهان .
فهل من سبيل لتفعيل  مجتمعنا المدني أداء ووظيفة ؟
الحكامة الجيدة رهان لتطوير المجتمع المدني
إن تطور المجتمع المدني لا يمكن أن يتحقق من خلال ما سلف ذكره إلا من خلال اتساع هامش الحرية و الديمقراطية ، فهناك علاقة جديلة بين المفهومين بتعبير فريديريغ هيغل .
ووفقا للمنظور التشاركي ؛ فان إشراك السكان في عملية (التنمية) بإمكانه أن يقود الى نتائج ايجابية ، فمن بين أشكال إعمالنا لحكامة جيدة ورشيدة حسب أحمد جزولي ؛ الإنصات إلى شعوبنا وتطلعاتها في إطار ما يسمى * المقاربة التشاركية * وفي إطار *التواصل المدني* و العمل المشترك من أجل تعزيز الديمقراطية وتعميق قيم المواطنة الحقة.[10]
والحكامة الجيدة حسب أحمد جزولي تقوم على أسس مهمة من بينها * مبدأ البرمجة ، الإشراك في اتخاذ القرارات، الفعالية ، المحاسبة و العدالة و الشفافية ...
ويتجلى الإشراك لحظة البرمجة و التخطيط ووضع الاستراتيجيات ، ففي ذلك تحويل للأفراد من مجرد مستقبلين الى فاعلين في صناعة القرار ، أما الشفافية فتكمن عند جزولي في تمكين المواطن من الحصول على المعلومات ، ويتطلب ذلك بطبيعة الحال إعدادا قانونيا مسبقا يتأسس على الإقرار بحق كل مواطن في الحصول على المعلومات ، وهذا ينبني على انفتاح المؤسسات على سياقها السوسيوثقافي . هذا من جهة
من جهة أخرى تشكل المحاسبة أو النقد –التقييم معيارا حقيقيا لقياس ديمقراطية دولة ؛ لأن المحاسبة تعني عدم التراخي و التهاون ، وتعني كذلك الاهتمام و الجد أكثر من اجل تحقيق أفضل النتائج وترك مسألة *الفشل * جانبا هنا تبرز من جديد أهمية الإعلام الحر كمنبر للنقد و التقييم  فالضغط.
إن القرارات حسب جزولي دائما لا توضع في أمكنة مغلقة منطوية على ذاتها بل تصنع من خلال الإشراك و الانفتاح على اقتراحات الرأي العام و كذا التجارب الدولية ، وهنا كذلك تطرح الأسئلة القلقة من جديد ؛ عن أي شراكة نتحدث ؟ ما هي مواصفات من ينبغي إشراكهم ، وكيف نشركهم ؟
وهنا تبرز قيمة و أهمية البحث العلمي في هذا الصدد وصناعة النخب، ونشر ثقافة الوعي بحقوق الإنسان و المواطنة الحقة ، وهذا يتطلب فعليا خلق مشاريع موازية لإشراك المواطنين في التشريع ؛ ضرورة محاربة الأمية، تفعيل وتنجيع مناهج التعليم ونشره ، حرية الإعلام السمعي البصري ، النهوض بحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية  وعندما نتحدث عن الديمقراطية في هذا الصدد فنعني بها الديمقراطية بمفهومها النيوليبرالي الحديث.
  فما مفهوم الديمقراطية ؟
مفهوم الديمقراطية في المجتمع النيوليبرالي:
ظل مفهوم الديمقراطية طوال سنين وحقب محط سؤال مستمر وسجال دائم، و الحديث عن الديمقراطية يجرنا مباشرة إلى إسهامات السوسيولوجي الفرنسي ذائع الصيت * ألان تورين * حيث ترتكز الديمقراطية عنده على ثلاث مرتكزات أساسية :
1-  مبدأ الاختيار الحر و الحد من السلطة السياسية : بمعنى ضرورة الاختيار الحر للحكام
2-  مبدأ المواطنة : وهو شعور المحكومين بأنهم مواطنون بحق من خلال انتخابهم لحاكميهم، ومن خلال مشاركتهم في سير المؤسسات التي تحترم حقوق الإنسان
3- مبدأ التمثيلية الاجتماعية للحاكمين السياسيين؛ فلكي تكون الديمقراطية تمثيلية لا بد من أن تكون المصالح الاجتماعية ممثلة.[11]
تكمن الديمقراطية بمفهومها الحديث عند ألان تورين  في قدرتها على تدبير مختلف المجالات ؛ من شغل ، تطبيب، تعليم ...الخ. ولا يمكن  تحقيق ديمقراطية فعلية إلا بواسطة مواطن متمتع بمواطنة فعلية فمن الواضح جدا أنه لا يمكن الحديث عن ديمقراطية في مجتمع تسوده علاقات تتسم بالعشائرية و التراتبية و العبودية وفي ذلك يقول جون جاك روسو * لن نصبح بشرا إلا إذا أصبحنا مواطنين *[12].
إن الدولة الديمقراطية هي الدولة التي تحترم مواطنيها وتدافع وتساوي بينهم دون تمييز عرقي أو ديني .. فالمساواة في الحقوق أساس المواطنة كما أن تحويل الإنسان إلى مواطن؛ لا يتم إلا من خلال تحرير ذهنه من أقفاص الخوف من السلطة و الاستسلام و الخضوع للتقاليد البالية و الموروثة عن عهد التخلف حسب  الدكتور ديدي ولد السالم .
لعل هذه السيرورة النظرية التي يمكن القول عنها بأنها نوع من المقاربة البيبليوغرافية لموضوع المجتمع المدني في علاقته بمواضيع أخرى موازية من قبيل الديمقراطية ، الحكامة...الخ لتكشف عن أهميته كفاعل اجتماعي قادر على المشاركة في صناعة القرار و بخاصة مع أزمة الدولة العناية سبعينيات القرن الماضي و فقدان الثقة في الدولة ككيان قادر على صناعة كل شيء (حيث كان الفعل العمومي مرتكزا في يد الدولة )؛ فالدولة حسب  d.bell قد أصبحت حقا كبيرة بالنسبة للمشاكل الصغرى، وصغيرة بالنسبة للمشاكل الكبرى ، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية وما خلفته من كوارث اقتصاديا و اجتماعيا الأمر الذي تطلب التدخل العاجل لإيقاف الفوضى الرائجة و البحث عن الحلول العملية لحل أزمة عويصة . فكان السؤال : ما العمل ؟[13]
هنا برزت محاولات فعلية لحل المشكلة ؛ فكان لانطلاق سياسة اللامركزية دور في ايلاء الأهمية للجماعات الترابية و المجتمع المحلي ، ولعل هذا المفهوم ليكشف عن توجه جديد في سياسات الدولة التي لم تعد وقتذاك تحتكر السلطة؛ وهذا بالضبط ما يكشف عنه مضمون مفهوم اللامركزية – لا تمركز السلطة ، فالدولة تتنازل عن بعض الاختصاصات لصالح المجتمع بما في ذلك من إشراك للمنتخبين المحليين في تنفيذ الأهداف العامة و تعميم لديمقراطية المشاركة .
وإذا كانت الأزمة الاقتصادية قد حررت السلطة وحققت نوعا من الديمقراطية و لامركزية السلطة وأعادت الاعتبار للمجتمع المدني و للجماعات المحلية ..فان مجتمعنا بدوره قد نحا هذا المنحى بغية الانعتاق
والتطور.بعد أن فقد المواطن المغربي الثقة في الأحزاب السياسية و في مختلف سياسات الدولة ؛ من هنا انطلقت دينامية جديدة تروم الإصلاح و التغيير ؛ لعل من أهمها مشروع الجهوية الموسعة .
الجهوية الموسعة كشكل متطور لنظام اللامركزية
 يتطلب الحديث عن الجهوية في المغرب حسب الدكتور عسو منصور؛ الحديث عن كيفية تعامل المغرب منذ الاستقلال مع مسألة التنمية الاجتماعية و الاقتصادية ؛ فالمغرب منذ استقلاله قد اعتمد الإقليم كإطار للتدبير الإداري والاقتصادي ولم تظهر الحاجة إلى الجهة كفضاء للتنمية الاقتصادية، إلا مع اعتماده على منهاج التخطيط الاجتماعي و الاقتصادي  وقصور الإطار الإقليمي عن معالجة الاختلالات الاقتصادية و الاجتماعية و المجالية،  واضطر المغرب في إطار أسلوب التخطيط الذي اعتمده إلى خلق جهات اقتصادية ومجالس جهوية استشارية من أجل إشراكها في عملية التخطيط. [14]
والجهوية في نظر الدكتور إدريس لكريني أضحت من أبرز السمات التي تميز الأنظمة السياسية و الإدارية الديمقراطية المعاصرة؛ وهي شكل جد متطور لنظام اللامركزية؛ التي تنهجها الدول البسيطة و التي تقل من حيث الصلاحيات المخولة عن النظام الفيدرالي،  فهي وسيلة مثلى لإشراك الساكنة في تدبير شؤونهم من خلال مؤسسات محلية تحظى بصلاحيات وإمكانيات مادية دون المس بسيادة الدولة ووحدتها.
تجدر الإشارة إلى أن اللامركزية عند الأستاذ الكريني تتخذ صورتين أساسيتين ؛ فهناك اللامركزية السياسية التي تتأسس على تقاسم السلط (التشريعية و التنفيذية و القضائية) بين الدول المركزية ومختلف الولايات؛ وهو نظام عادة ما تأخذ به الدول التركيب l'Etat synthèse ضمن جهوية الدولة الفيدرالية؛ كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وهناك اللامركزية الإدارية التي تنبني على تقاسم الصلاحيات و المهام الإدارية والمالية بين الدولة ومختلف المؤسسات و المناطق الترابية؛ وغالبا ما تنهجها الدول البسيطة كالمغرب.[15]
لقد مرت أكثر من ثلاثة عقود على بداية  تداول مفهوم الجهوية في الخطاب السياسي و الاقتصادي المغربي ، وقد تغيرت دلالاته ورهاناته بحسب الظروف و الأزمنة التي طرح فيها :
ففي التجربة الجهوية الأولى التي عكسها ظهير يونيو 1976؛ أحدثت سبع جهات اقتصادية كان الهدف منها خلق نوع من التناغم و التوازن التنموي بين مختلف أنحاء المغرب ، ودفع عدم فعالية هذه التجربة إلى الارتقاء بالجهة إلى مستوى الجماعة المحلية بمقتضى الدستور المراجع لسنة 1992، وبعد الخطاب الملكي بتاريخ 20 غشت من سنة 1996 وانطلاقا من دستور 1996، أضحى عدد الجهات 16 جهة منظمة بإطار قانوني جديد (قانون تنظيم الجهات رقم 96.47 بتاريخ 2 بريل 1997.)
غير أن النظام الجديد لم يتمكن بدوره من محو تناقضات التقسيم الجهوي السابق واختلالا ته؛ سواء تلك المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو تلك المتعلقة بدعم اللامركزية والديمقراطية المحلية.. وكذلك من حيث البنيات و الصلاحيات و الموارد و العلاقات مع مختلف المؤسسات و الفاعلين.
وجاء الخطاب الملكي بتاريخ 03 يناير2010 بمفهوم وتصور جديد للجهوية؛ ينبني على مجموعة من الأسس المرتبطة بالوحدة وثوابت الدولة و التضامن بين الجهات و التناسق و التوازن في الصلاحيات و الإمكانيات ثم اللاتمركز الواسع ضمن حكامة ترابية ناجعة .ولعل  إشراك المثقف في هذا العمل (حضور الجغرافي ، الاقتصادي، السوسيولوجي، القانوني ...) ليعكس حسب لكريني الرغبة في بلورة تصور منسجم يقف على العناصر الكفيلة بانجاح هذا المشروع في مختلف تجلياته.
إن إرساء قواعد جهوية  ناجعة حسب بعض الباحثين كفيل بدعم وترسيخ الديمقراطية المحلية بالصورة التي قد تعطي مفهوما جديدا لتدبير الشؤون العامة ؛ ويتطلب ذلك وجود مرتكزات مهمة من قبيل ؛ تقسيم جهوي منسجم وبناء ، تحكمه متطلبات التنمية و الممارسة الديمقراطية القادرة على تدبير التنوع المجتمعي بصورة بناءة؛ لا الهواجس الأمنية و السياسية الضيقة؛ وتخويل الجهات صلاحيات وازنة في إطار مؤسسات ديمقراطية ومنتخبة بصورة مباشرة ، وتوفير الإمكانيات البشرية و التقنية و المالية اللازمة لبلورة تدبير ميداني  فاعل وناجح.
وعلاوة على الأهداف  التنموية التي يمكن أن تحققها الجهوية في شكلها السياسي أو الإداري إذا بنيت على أسس قويمة ؛ فان إعمالها بصورة تتجاوز الاختلالات التي رافقت التجربة الجهوية السابقة؛ سيخلف أثارا سياسية هامة؛ يمكن إجمالها حسب أستاذ الحياة السياسية و العلاقات الدولية بكلية الحقوق بمراكش لكريني  في ؛ تجديد النخب المحلية واغناء المشهد السياسي وتدبير التنوع المجتمعي ، بما ينعكس بالإيجاب على الممارسة الديمقراطية في بعدها المحلي و الوطني .
إن أولى هذه الآثار هي فتح المجال أمام  تجدد النخب المحلية؛ وتقدم بعض التجارب الغربية الراهنة نموذجا رائدا في هذا السياق ؛ ذلك أن السلطات الهامة و الواسعة التي تحظى بها الجهات التي تدبر بواسطة مؤسسات منتخبة بشكل ديمقراطي؛ ومن خلال صلاحيات وإمكانيات هامة ؛ تعطي نوعا من الدينامية و الحركية للمشهد السياسي المحلي بما يعزز روح التنافس بين مختلف الفاعلين المحليين وفتح المجال أمام النخب المحلية لتبرز إمكانياتها وطاقاتها بمنطق الكفاءة خدمة لمنطقتها ووطنها[16]
خلاصة تركيبية
هي إذن شبكة مفاهيمية ؛ تفرض نفسها في إطار نموذج الدولة الحديثة التي ترنو تحقيق تنمية مندمجة ؛ يشرك فيها بشكل فعلي كل أطراف و أطياف المجتمع – فاعلين محليين ، مثقفون ، سياسيون ، أحزاب ، وممثلي المجتمع المدني ، تقنيين ...الخ .في إطار عمل تشاركي يعيد الاعتبار للإنسان- المواطن l'Homme citoyen كحلقة أساسية داخل النسق المجتمعي لمواكبة التطور الحاصل في ظل النموذج المعولم، وهذا يفرض على مجتمعنا السائر في طريق النمو أن يسلك الطريق السيار لتفادي الوقوع في سياسات عقيمة .لا تعدو ان تكون الا مجرد محاولات شكلية لدر الرماد على عيون الرأي العام .
لقد أصبحت الحاجة اليوم ماسة لتشخيص واقعنا المجتمعي على نحو يعيد الاعتبار للفاعل المحلي في تدبير شؤونه المحلية و الوطنية ؛ ويتطلب ذلك خلق مجتمع مدني حقيقي ومستقل ماديا ومعنويا عن الدولة ؛ ويمارس أنشطته الأساسية؛ كالنقد البناء، واقتراح الحلول الخلاقة، و بأدوار أخرى موازية ذات بعد ثقافي ، اجتماعي ..فبدون مجتمع مدني حقيقي لا يمكننا كما تؤكد الاوالية الهيغلية أن تتحقق ديمقراطية حقيقية ، وبدون الديمقراطية لا يمكننا أبدا الحديث عن مواطنة حقة .


[1] د.سمير بلمليح ، المجتمع المدني والدولة
[2] عبد الحسين شعبان ، المجتمع المدني والعقد الاجتماعي www.taakhinews.org
[3] اسماعيل يعقوبي ، الحوار المتمدن ، المجتمع المدني عند هيغل ، العدد 376- 2010/11/06
[4] عبد الحسين شعبان ، المرجع السابق
[5] فؤاد عبد الجليل الصلاحي؛ المنظور السوسيولوجي في تحديد مفهوم المجتمع المدني، مجلة الفكر العربي المعاصر ، عدد 140/141
[6] فؤاد الصلاحي ، المرجع السابق
[7] د.سمير بلمليح ، المجتمع المدني و الدولة
[8] المرجع السابق
[9] ديدي ولد السالك ، المجتمع المدني المغاربي : المؤمل في ترسيخ الديمقراطية وتحديات الواقع ، مجلة رهانات ، العدد 16 خريف 2010
[10]  أحمد جزولي ، الحكامة الجيدة رهان لتطوير المجتمع المدني المغاربي ، مجلة رهانات ، العدد 16 خريف 2010
[11] الفاعل المحلي وسياسة المدينة، د عبد المالك ورد ، سلسلة دراسات و أبحاث رقم 20
[12]  ديدي ولد السالم ، المرجع السابق
[13] الفاعل المحلي وسياسة المدينة : المرجع السابق
[14] د.عسو الجهوية لا يجب أن تكون مدخلا لإرضاء  بعض النزعات اللغوية أو المحلية أو الجهوية، مجلة شؤون إستراتيجية، العدد الرابع، نوفبر/يناير 2011
[15] إدريس الكريني ، الجهوية و الديمقراطية المحلية، مجلة شؤون إستراتيجية – نفس المرجع السابق
[16]  المرجع السابق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الشعر الأمازيغي "باهبي ونماذج من أشعار أيت مرغاد"

  يعتبر الشعر أو "تامديازت" الشكل الأكثر تعبيرا عن حياة الإنسان الأمازيغي وفلسفته في الحياة، الشيء الذي يكشف عن غنى هذا الشكل الأدبي شكلا وعلى مستوى المضمون أيضا، فقد عني الإمديازن أو الشعراء الأمازيغ عناية فائقة بتقديم قصائدهم بقالب جميل الشكل غزير المضمون، وقام التنافس على أشده ولم يقعد بين كبار الشعراء الأمازيغ في مختلف المناطق التي يستوطنوها، بل إن التنافس وصل حد التراشق بالكلمات المصقولة أمام الجماهير في الأعراس والاحتفالات الطقوسية وفي مختلف التجمعات القبلية الأخرى.

مواصفات المقاول الناجح

ما دمت إنسانا يمتلك العقل والإرادة فأنت قادر على النجاح، لكن، يلزمك اتباع بعض أسس التفكير المنتج والذي من شأنه قيادة مشروعك لتحقيق النجاح. في هذه المحطة سنتحدث عن أهم مواصفات المقاول الناجح، بدونها يصبح المشروع مهددا بالانهيار في أي وقت، وهذه المواصفات هي كالآتي: 1- الثقة بالنفس: بدون الثقة في الذات يصعب عليك الإستمرار في بناء أي مشروع كيفما كان، فالثقة – هنا - عنصر هام لا محيد عنه في نجاح المشروع، والثقة ليست كِبرا ولا غرورا، بل هي الواقعية والالتزام في العمل وفق خطة محكمة معدة سلفا، كما أنها إيمان قوي بقدرة الذات على قيادة سفينة المشروع إلى بر الأمان رغم التحديات والعراقيل التي ستواجهك في الطريق. 2- الرغبة والقدرة: ونعني بـ"الرغبة" هنا توفر الإرادة الجامحة لإنجاح المشروع والتحفيز الذاتي المستمر والتفكير الإيجابي لحصد النتائج وتجاهل التسويف والمماطلة والتأجيلات. وأما "القدرة" فنعني بها القدرة على التعلم وشغف البحث والإطلاع في مصادر المعرفة المتنوعة والواسعة والتي من شأنها دعم معرفتنا وإغنائها لتزيد رؤيتنا وضوحا. فالمعرفة قوة والقدرة على تحصيل

أهم نظريات التنشئة الاجتماعية

النظرية البنائية الوظيفية : ويمكن القول بأنها نظرية تستمد أسسها من النظرية الجشطالتية في علم النفس و التي تدور فكرتها المحورية حول تكامل الأجزاء في كلّ واحد، بتحليل العلاقة بين الأجزاء و الكل، بمعنى أن كل عنصر في المجموعة يساهم في تطور الكل. فأصحاب هذه النظرية يرون في الأفراد و الجماعات أو أي نظام أو نسق اجتماعي يتألف من عدد من الأجزاء المترابطة، و بالتالي فان كل جزء من أجزاء النسق يكون وظيفيا، تماما كجسم الإنسان يتكون من مختلف الأعضاء ولكل جزء وظيفته [1] . و تشير النظرية البنائية الوظيفية؛ إلى أن كل أسرة نسق فرعي للنسق الاجتماعي، تتفاعل عناصره للمحافظة على البناء الاجتماعي وتحقيق توازنه. وتركز هذه النظرية على العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة و الوحدات الاجتماعية الكبرى، من خلال الدور الذي تؤديه في عملية التنشئة الاجتماعية للأعضاء الجدد في المجتمع . نظرية التحليل النفسي: ترى مدرسة التحليل النفسي، أن الجهاز النفسي للفرد يتكون من الهو والأنا والأنا الأعلى [2] . ويمثل الهو الجانب اللاشعوري من شخصية الفرد، وبالتالي فهو يميل إلى تحقيق غرائزه الفطرية؛ من مأكل ومشرب وجنس...الخ. ل